انطلقت القرصنة الإلكترونية أو ما يسمى بالهاكرز في مطلع الثمانينيات، وكانت عملية في غاية الصعوبة من حيث صناعة البرامج المتخصصة أو طريقة إقناع الضحية لتحميل تلك البرامج، حيث كانت ترفق عادة مع البريد الإلكتروني أو من خلال القرص المرن في تلك الحقبة (الفلوبي دسك)، أو ثغرات «الويندوز» التي يكتشفها المبرمج لدوافع شخصية بحتة، أهمها التفاخر أو الانتقام أو الفضول. إلى أن تطور الوضع مع بداية القرن الحالي لتصبح مؤسسات لمافيات منتشرة في العالم، وخصوصا في روسيا والصين والهند، تعمل لأهداف استيراتيجية اقتصادية قد تكون متمثلة بالسطو على المصارف والمؤسسات الحكومية أو الخاصة لسحب الأموال، وهذا ما تم مع «مايكروسوفت» و»ياهو» و»وزارة الدفاع الأميركية» ووكالة «ناسا»، والقائمة طويلة.
وقد تكون لأهداف سياسية متمثلة بنشر الأفكار الغريبة والجماعات الإرهابية وزرع الفتن وتفكيك الأمم، وهذا ما يؤدي إلى قيام ثورات وخروج جماعات متطرفة لهلاك الشعوب، وبالتالي الاستحواذ على إرادتها والتحكم في خيراتها الاقتصادية، وهذا ما حدث مؤخرا في الوطن العربي؛ لذلك أطلق عليها المختصون الحرب السيبرانية وهي حرب المستقبل القادم.وبالرغم من خطورة القرصنة الإلكترونية فإن الوسائل المتبعة لتنفيذ عملية القرصنة التي كانت في الماضي هاجسا للمخترقين أصبحت أكثر سهولة وأضمن فعالية، ناهيك عن أنها أصبحت في متناول الجميع، ولا تقتصر على المختصين في البرمجة، حيث أصبح بمقدرة أي شخص أن يخترق أي نظام، وذلك لأسباب كثيرة أهمها أن معظم برامج الاختراق في متناول أيادي الجميع والمجان (Open Source)؛ إلى جانب أن طريقة استخدام تلك البرامج موجودة على اليوتيوب، وهذا ما ساعد في إطلاق نوع جديد من المخترقين أطلقوا عليهم أطفال الإنترنت (Script Kiddies)، ناهيك عن إهمال الاستخدام والجهل فيه سواء من المؤسسات أو الأفراد، وهذا ما زاد الأمر سوءا وساعد في ظهور وسائل جديدة ومبتكرة للاختراق أبرزها الهندسة الاجتماعية، إلى جانب تنوع وسائل نقل البرمجيات الخبيثة إلى أجهزة الضحايا وسهولتها، وفي مقدمة تلك الوسائل انتشار الأجهزة الذكية والشبكات الاجتماعية والألعاب الإلكترونية التي تستخدم بكثرة عن طريقة تقنية تسمى ملفات التجسس (patches &Trojan). كما يعتبر قصور القانون من الأسباب الرئيسة التي ساعدت في تمادي هؤلاء المخترقين ومحاولة الآخرين اتباعهم لكسب مزيد من الأموال أو حتى لإرضاء غرور النفوس، وخصوصا من الفئة الشبابية، وهذا ما لوحظ في الآونة الأخيرة وهو تفوق الشباب العرب في هذا المجال، وافتقار الدول لحاضنات تتبنى المهارات المتميزة لدى هؤلاء. وأخيرا صمت حكومات العرب وعدم الخوض في هذا المجال لكبح الآفة والسيطرة عليها يعتبر ناقوس خطر يهدد أمتنا بالفناء أو البقاء، وهو من أهم الأسباب لوضعنا المبكي الراهن.* عضوة هيئة تدريس في جامعة الكويت
مقالات - اضافات
خبايا التقنية (2)
20-01-2018