خلط الحسد بالمرض النفسي
الحسد صار عذراً للمريضين نفسيا خوفاً من خزيهم من الطب النفسي، وقد استغله ضعاف النفوس لبيع ماء الوزارة للمساكين وهم يزعمون أنه أقرب لله من زبائنهم، وليس ماءهم زمزم ولا ماءهم مبارك! فهل سمع أولئك المخدوعون دكاترة الشريعة كالشيخ فيصل الهاشمي وهو يدعونا إلى تحصين أنفسنا ومعالجتها بالأدعية وقراءة القرآن؟ فكم من مكتئبة ظنت نفسها محسودة وحين أخذت جرعة مغنيسيوم شفيت، ثم رمت حجابها لاهتزاز ثقتها بالدين؟ وكم من زوج ظن أن فلانا حسده لما عانى برودة تجاه زوجته، وليتذلل في المجلس لحاسده المزعوم قائلا: "تكفى قول ما شاء الله!"، وكأنه كفر بقيمة الأذكار إذا ذكرها هو بنفسه!
ألم يعلم أن المرأة إذا نقصت معادنها لا سيما في فترة دورتها الشهرية، فتفرز خلف أذنها هرمونات غازية "فَرمونات" عديمة الرائحة خاصة لطرد الجنس الآخر، لعدم تهيئتها الفسيولوجية؟ فما برودها ذلك إلا نقصا من فيتامين (د) ليصلح كامل رومانسيتهما، ولكن سعيدة الحظ ستفرز "فرمونات" الجذب بعدما تثري نسبة المطلقات في الخليج. شابة شعرت بوجع في رقبتها، ثم عانت بسبب دوران أرعبها في مشيها، فلجأت إلى من يدّعي أنه شيخ ليقرأ عليها بالهاتف، لكنه فشل في تطبيبها، فاضطر للكذب لأمها بقوله "بنتكم محسودة بعرسها!"، فاستغربوا معرفته لغيب ما في قلوب الناس، وهو لم يُدع للفرح النسائي! وحاول استغلال ارتباك البنات الطبيعي أثناء حفلات الزفاف ليوهمها أن كل توترها وهي عروس ما هو إلا طاقة الحسد، وعليهم تسليم الدنانير ليستمر الترتيل، فانهارت، فنقلوها أخيرا إلى كوكب غريب يسمونه المستشفى، وأجرت عملية في أقل من ٣٠ دقيقة، حلت كامل معاناتها الجسدية والنفسية التي كانت مستمرة منذ أكثر من سنتين. ولم يكن السبب ضعف إيمانها، بل تضخم مخيخها بمياه متسربة من النخاع، لكن العائلة لم تدرك إلا متأخرا أنها اتبعت مدّعي التدين، فذهبوا للطبيب لأن الله أمرنا باتباع الأسباب، وأما الدجل على المرضى فهو لغير المتدينين.الحسد مذكور في القرآن وفي صحيح الأحاديث، وهو بذلك يدخل بحكم معلوم من الدين بالضرورة، ولكن القصص الشعبية جعلت التوحيد في خطر، وأما الطب النفسي فهو ليس عاراً كما يظن البعض، فلما الطبيب يضبط هرمونات وأفكار الزوجين لئلا يشككا في أخلاق أهلهما يكون كالإمام ويكون مراجعوه كالمصلين، فالعمل الصالح عبادة لله. هدف هذا المقال ألا ينطبق علينا قول الله: "أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ".