فلسطين 6/0
بداية، وتوضيحاً للقارئ، أحب أن أؤكد ما يعرفه الأصدقاء، وهو أنني لم أشترك في "البوكر"، ولن أشترك فيه يوماً ما. أقصد هنا مجرَّد الاشتراك. ذلك يعني أن لا مصلحة لي سابقة، ولا حاجة لي لاحقة بهذه الجائزة. ثانيا، هذا المقال ليس موجها ضد أحد بشكل شخصي، لأنني لا أعرف شخصيا أياً من الذين سيردون فيه. هدفي من نقد الجائزة، هو رفض المحاصصة والواسطة والمحسوبية والترضية وإنصاف الرواية العربية الجيدة، وذلك لا يبدو هدف القائمين عليها.منذ أن بدأ العمل بالمال الخليجي، والإماراتي بشكل خاص، في الحياة الثقافية، ونحن نشاهد التدهور الغريب في علاقة المتلقي بمنتجات هذه الثقافة. تدهورت الأغنية حين تصدرت الراقصات والعارضات والأثداء المكشوفة السجاد الأحمر، وانسحبت الأصوات التي تستحق أن تكون امتدادا لتاريخ الغناء العربي الأصيل. لم يهتم هذا المال بتقديم سينما نوعية، ونحن نرى انهيار الأعمال السينمائية، ورداءة المنتج، حتى لا نكاد نشاهد عملا مميزا في السنة. لم يكترث المال الخليجي لإنعاش المسرح وإعادة بهاء صقر الرشود ومحفوظ عبدالرحمن والفريد فرج. لم يهتم المال الخليجي بالشعر العربي، وأخرج لنا كوارث، كهشام الجخ، تاركا شعراء حقيقيين يبحثون عن منصة في مكتبة أو قاعة بين كراجات السيارات.
الحالة الأدبية التي تتطور فنيا، وتستحق الإشادة، هي الرواية العربية، وهي الجنس الأدبي الذي يستحق أن نرفع له القبعة، لا ندعي أننا وصلنا إلى مستوى عالمي، لكننا بالتأكيد في الطريق إلى ذلك، ونرفع القبعة للروائيين الذي يعملون بجد لرفع شأن هذا الجنس الأدبي. وحين تكون هناك جائزة للرواية، فيجب أن يكون هدفها خالصا من أجل الرواية، فلا يشعر الروائي الجيد بالغبن والجور وهو يرى أسماء لا تستحق وكتابا من الدرجة الثالثة عربيا والعاشرة عالميا تحتل أماكنهم. هذه الجائزة تستحق الهجوم عليها، لأنها لم تكن مقنعة؛ لا للروائي ولا للناقد، وحوَّلت القراء إلى جمهور بقية الأجناس من أغنية وسينما ومسرح. لا يمكن أن يقنعنا القائمون عليها بأنهم يمتلكون قدرات نقدية تفوق قدرات بقية النقاد والروائيين وهم يقدمون للقائمة أسماء لم يعترف بها أبناء بلدها. ولا يمكن أن نقتنع أننا لسنا أمام هيمنة فلسطينية غامضة، وبحاجة لإعادة نظر. ياسر سليمان رئيس مجلس الأمناء، محمود شقير عضو لجنة التحكيم، عاطف أبوسيف من القائمة الطويلة، إبراهيم نصرالله كذلك، وليد شرافا وحسين ياسين أيضا. هذا التكريس الفلسطيني يجعلنا نشك في نزاهة العمل النقدي الذي اعتمدته لجنة الجائزة. فلم تجد في المغرب عملا يستحق، ولا في عُمان، وليس في مصر، سوى عملين وهكذا. خضعت اللجنة، للأسف، لدور النشر من جهة، فاحتلت دور النشر اللبنانية نصف القائمة، وخضعت لمواطنيها، والذين ربما سنراهم جميعا في القائمة القصيرة. الأكثر مرارة، أن اللجنة الموقرة أدخلت من العراق كاتبة لا تمتلك أدبيات التعبير المدرسي لتكون ممثلة لبلد كالعراق، ولتقنعنا بأنه خالٍ من روائي يستحق أن يقرأ.بالمناسبة، إذا كان إبراهيم السعافين وأمجد ناصر من أصل فلسطيني، فالعنوان يصبح "فلسطين 0/8".