خسائر لمتعاملين بملايين الدولارات عبر شركات التداول الإلكتروني
في عقود النفط والذهب والعملات والأسهم... ورجال أعمال يرفعون قضايا
تعرض متعاملون في الفترة الأخيرة لعمليات نصب واحتيال من شركات للتداول الإلكتروني، آخرها مواطنة كويتية قدمت الأسبوع الماضي شكوى لأحد مخافر الكويت تشكو فيها تعرضها لخسارة مدخراتها، التي تصل قيمتها إلى 50 ألف دينار، نتيجة تعرضها لعمليات نصب من إحدى الشركات، التي تروج للمكاسب السريعة والكبيرة عبر الإنترنت. واشتكى عدد كبير من المستثمرين جراء تعرضهم لعمليات نصب من شركات تروج للاستثمار عبر الإنترنت في عقود النفط والذهب والعملات والأسهم ونهبت أموالهم بطرق «مادوفية»، إذ يتم الترويج إلى أن «باستطاعتك مضاعفة رأس المال في مدة محددة، بعد إيداع مبلغ من المال». ومن أجل حث المستثمر على إيداع المزيد من الأموال يتم تربيحه من خلال مساعدته على القيام ببعض الصفقات، ليربح مبالغ بسيطة، بعدها يتلقى المستثمر اتصالاً، بأن هناك فرصة لتحقيق مكسب أكبر، لكن الأمر يحتاج إلى مضاعفة مبلغ الحساب، وهنا تبدأ عملية استنزاف الأموال وتسجيل الخسائر.
وكشف المحامي الأردني سامي العوض، من مكتب حماة الحق للمحاماة ، لـ«الجريدة» أنه لجأ إليه في الفترة الماضية رجال وسيدات أعمال كويتيون من أجل رفع قضايا على بعض شركات التداول الإلكتروني نتيجة تعرضهم لخسائر كبيرة، واستطاع أخيراً الحصول على أحكام نهائية لسيدة أعمال كويتية، وابنة رجل أعمال ثري كانت قد تعرضت لعمليات احتيال وتعرضت لخسائر كبيرة تقدر بـ 300 ألف دينار، وتم تحصيل المبلغ، ووصلت لحسابها بعد ملاحقة قانونية وقضائية امتدت فترة ليست قليلة.
الخجل الاجتماعي
وذكر العوض أن هناك مواطنين كويتيين يفضلون اللجوء الى مكاتب محاماة غير محلية، إذ تواصل معه رجل أعمال كويتي تكبّد خسارة تقدر بخمسة ملايين دينار، وانقطع عن التواصل بعدها بسبب خوفه أن يذكر اسمه أمام القضاء، بالتالي يصل إلى الإعلام، تفادياً لذلك يتم التأكيد في اتفاقية الأتعاب على عدم تداول أسمائهم في تلك القضايا، وأن تتم في سرية تامة، مشيراً إلى أن الجريمة تتم بواسطة الإنترنت دون التقاء شخصي، مما يسهل كثيراً على العصابات ارتكابها، وأن هناك آلاف الضحايا ممن يقعون في فخ هذه العصابات وتسلب أموالهم دون حول لهم ولا قوة، لاعتقادهم في بعض الأحيان بأنهم خسروا أموالهم في التداول، وأحياناً لأنهم يشعرون بالخجل الاجتماعي من الإفصاح بأنهم ضحية عمليات نصب واحتيال، وأحياناً بعضهم يعتقد بأنه لا يمكن ملاحقة هذه الجريمة، وأنه لن ينجح مهما فعل، ويخشى أن يخسر المزيد من الجهد والمال وتصبح سمعته على المحك.وبيّن العوض أن الاحتيال تضاعف كثيراً في الآونة الأخيرة، وأن معظم هذه الشركات تستهدف المواطنين الخليجيين بشكل خاص، مشيراً إلى أنه حسب معلومات متوفرة لديه فإن مواطني المملكة العربية السعودية هم الأكثر تعرضاً للخسائر، إذ تقدر بخمسة مليارات دولار، يليهم الكويتيون الذين وصلت خسائرهم إلى نحو مليار دولار، وأيضاً هناك البحرينيون بمئة مليون، والإمارات بنصف مليار دولار، وعمان بمئة مليون، وقطر بربع مليار.وبين أن حجم القضايا والأعداد الهائلة للضحايا يوجبان ملاحقة هذه الجريمة بكل السبل، لأنها جريمة منظمة عابرة للحدود، ولا يمكن لفرد أو أفراد أن يقوموا بهذا العمل وحدهم، إنما لابد من مساعدة المنظمات الدولية المعنية بمكافحة هذه الجرائم، مستدركاً بأنه في بعض الدول مثل أميركا وبريطانيا تخضع هذه الشركات لرقابة صارمة وتعليمات دقيقة، لكن مثل هذه الشركات معظمها غير مرخصة، وإن كانت مرخصة فهي لا تتبع هيئات رقابية أميركية أو بريطانية، فبعضها قد تكون مرخصة من هيئة رقابة أموال مثل سيشل والجزر العذراء، لكن هذه هيئات ضعيفة، وفي الوقت نفسه الشركة لا تحترم القوانين والأنظمة.وتابع العوض «اننا في الفترة الماضية استطعنا ملاحقة بعض هذه الشركات والحصول على أحكام قضائية ضدها، واسترجعنا بعض الأموال،لاسيما التي تقع في بعض الدول مثل بريطانيا وهونغ كونغ وقبرص، لكن في دول أخرى مثل سيشل وجزيرة جبل طارق لم نتمكن من ذلك. على صعيد متصل، أكدت المصادر ضرورة متابعة ومراقبة هذه الشركات التي تقوم بالتسويق لمثل هذه الاستثمارات داخل الكويت قبل ممارسة عملها التجاري، من قبل بنك الكويت المركزي ووزارة التجارة والصناعة قبل وهيئة أسواق المال، باعتبارها الجهة المعنية بإصدار التراخيص، مبينة أن عدم الحصول على تلك الموافقات تترتب عليه غرامة لا تقل عن 5 آلاف دينار، ولا تتجاوز 50 ألفاً، وفقاً لنص المادة 126 من قانون إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية .وطالبت بضرورة تفعيل دور مباحث الجرائم الإلكترونية والموظفين المختصين في وزارة التجارة والصناعة وهيئة أسواق المال بمراقبة تلك الشركات وفقاً للصلاحيات الممنوحة لهم من ضبطية قضائية ومراقبة تطبيق اللوائح والقرارات وتحرير المحاضر وإحالتها إلى النيابة العامة للتحقيق والتصرف.
مواطنة قدمت شكوى لخسارتها مدخرات بـ 50 ألف دينار