«عقدة الخواجة»!
أول ما يلفت النظر في فيلم «عقدة الخواجة» تأليف هشام ماجد وشيكو وإخراج بيتر ميمي هو إهداء الفيلم للنجم نور الشريف، كونه يحمل أكثر من دلالة، أولها اعتراف البطل حسن الرداد بأن «الشريف» صاحب فضل عليه منذ أن اختاره للمشاركة في بطولة المسلسل الشهير «الدالي»، وثانيها التأكيد أن الرداد صار نجماً يفرض كلمته على الفيلم، بدليل أن الإهداء مُذيل باسمه، وليس باسم المخرج أو المنتج أحمد السبكي، حسبما جرت العادة!تبدأ أحداث «عقدة الخواجة» بشكل لاهث، كعادة الأعمال الدرامية التي يخرجها بيتر ميمي، حيث نتابع جريمة قتل بدم بارد يُجهز فيها «الحناوي» (ماجد المصري) على «جلال» (محمد عز)، الذي نعرف في ما بعد أنه أحد رجاله، الذي رفض تطليق زوجته الحسناء «سوزي» (الممثلة التونسية سامية الطرابلسي التي تحمل الجنسية اللبنانية). وتكشف الأحداث التالية أن «الحناوي» أراد الزواج منها لكن «جلال» رفض، فتخلص منه بمساعدة «رمزي» (محمد لطفي) ذراعه الأيمن. ونظراً إلى تورطه في الجريمة، امتثل لنصيحة محاميه «محمود أبو حمامة» (حسن حسني) بالتضحية بمساعده، ليُسجن بدلاً منه لمدة سبع سنوات مع الأشغال الشاقة، وعقب خروج الأخير من السجن، أبرم اتفاقاً مع شقيق القتيل «فارس الخواجة» (حسن الرداد)، الذي أخفى صلة القرابة، ليثأرا من «الحناوي» و«أبو حمامة»!
«ميلودراما هندية» حتى النخاع، أسبغ عليها كاتبا السيناريو والمخرج قدراً من الإثارة، لم يفلح في محو الانطباع بأن الفكرة قديمة ومستهلكة، وإن نجح السيناريو في إضفاء غموض إلى حين، بالكثير من التفاصيل والشخصيات، والمطاردات، التي مزج المخرج خلالها بين الحركة والكوميديا، التي وقعت على كاهل حسن الرداد وهنا الزاهد، حيث يفتعل «فارس الخواجة» حادث تصادم وسيارة «سالي» (هنا الزاهد)، التي نُدرك أنها ابنة «أبو حمامة»، ليدخل حياتها، ويتقرب من والدها، الذي يرشح نفسه للرئاسة بوصفه «رجل المستقبل»، وهو الذي بلغ من العمر أرذله، حسب خطة مُحكمة وضعها «الحناوي» ومساعده «رمزي» للانتقام من «سوزي»، التي استولت على مبلغ يُقدر بمئة وخمسين مليون جنيه من «الحناوي»، وتزوجت المرشح الرئاسي، بعدما صارت تحمل اسم «فريدة»، وسيطرت على مقاليد حياته، ما أثار حفيظة ابنته الوحيدة!فيلم تجاري مُحكم التفاصيل، وإن ترهل في بعض مشاهده، بفعل السيناريو الذي أرغى وأزبد، وترك المجال لبطله حسن الرداد ليرقص ويغني ويستعرض إمكاناته الكوميدية، ويتورط في مشاهد حركية (كاميرا حسين عسر)، أتاحت الفرصة لاثنين من «الكومبارس» (سيد وعظيمة) للتألق بشكل كبير، فيما ظهر بيومي فؤاد وسمير غانم كضيفي شرف يمكن حذف دوريهما ببساطة من دون أن تتأثر الأحداث! اعتمد السيناريو على بدعة «الحيلة الدرامية» أو Trick، التي راقت لكتاب السينما المصرية في الفترة الأخيرة، والمسحة الغرائبية اللصيقة ببعض الشخصيات، كشخصية «الحناوي»، الذي يأنس للزواحف والحيوانات الشرسة، كالثعابين والكلاب والأسود، ويراها أكثر وفاءً وصدقاً من بني البشر، من دون أن يبرر السيناريو سبب هذه العقدة، أو يتجنب الإطالة في مشاهد المعارك الجسمانية ومطاردات السيارات وخلية النحل (مونتاج عمرو عاصم)، وإن نجح المخرج في توظيف الأغاني كفواصل والحوار لاستكمال الصورة الدرامية (مشهد الشقة التي تحوّلت إلى ساحة معركة بين سيد وعظيمة)، واستثمار خفة ظل هنا الزاهد، التي ما زال في جعبتها الكثير، وإن جاءت الاستعانة بالممثل القدير حسن حسني لتعكس شيئاً من المجاملة لتاريخه بأكثر مما خدمت الدراما. كما جاء اختيار القصر الذي يعيش فيه، مع ابنته وزوجته ذات الماضي الملوث، بمثابة تميمة يتفاءل بها المخرج بيتر ميمي، وإن حرص على توظيفه درامياً للإشارة إلى ثرائه الفاحش، وهو ما يؤكده حوار حسن الرداد وهنا الزاهد: «احنا في دار القضاء العالي ولا أيه»! «عقدة الخواجة» فيلم خفيف لا ينبغي تحميله أكثر مما يجب، ولا أظن أن أصحابه أرادوا من وراء تقديمه أكثر مما رأيناه على الشاشة، بدليل النهاية السعيدة التي أفضت إلى التخلص من رموز الشر (الحناوي وأبو حمامة وسوزي)، بحجة الدفاع عن الشرف، وتتويج علاقة الحبيبين: «الخواجة» و«سالي»، بالشكل الذي يُرضي الجمهور، الذي أدرك منذ الوهلة الأولى أن ما بينهما «حُبٌّ من أول نظرة»!