أقامت منصة الفن المعاصر "كاب" حواراً مفتوحاً مع الأديب إسماعيل فهد إسماعيل، بعنوان "أنا وناجي العلي وحنظلة"، وأدار الحوار الروائي إبراهيم فرغلي، وقد أقيم على هامش الحوار معرض لكاريكاتير ناجي العلي.من جانبه قرأ الأديب إسماعيل فهد مقتطفات من روايته "على عهدة حنظلة"، وتحدث عن العلاقة التي تربطه بناجي العلي، وقال: "تربطني علاقة بناجي العلي منذ الستينيات، وكان لا يمر أسبوع حتى نلتقي، فقد كان عضواً فعالاً في أحد التجمعات الثقافية في أواخر الستينيات، وكنت أنا فيها، وأيضا كان معنا مجموعة من الشعراء والكتاب من الكويتيين والعرب، وكان ناجي نشطاً بالدرجة الأولى في الطليعة، وكان أيضا يرسل إلى جرائد أخرى بالخارج، وبالذات المجلة التي كان يشرف عليها غسان كنفاني "الحرية"، وأيضا كان يناقش السياسة التي بدأ فيها منذ سنوات، و"حنظلة" ولد في جريدة السياسة لأول مرة".
خسارة فادحة
ووصف ناجي بأنه مشاكس ومحارب، عصبي وانفعالي، وصدامي، وفي الوقت ذاته كان نقيا ونظيفا جدا من الداخل يشبه الطفل، وإذا أخطأ سرعان ما يعترف بغلطه ويعتذر، ويدافع عن رأيه بحدة، لافتا أنه لا يتنازل، وهذا سبب له عداءات كثيرة لا تحصى، حتى من الكثيرين القريبين منه، ومن الذين يحملون نفس الفكر الذي يحمله.وأضاف أنه عندما حدث الاغتيال، كانت الخسارة فادحة، لأنه كان صديقا قريبا جدا، وكانت بينهم علاقة محبة، إلى جانب العلاقة الفكرية، مشيرا إلى أن الكتابة عن العلي كانت نوعاً من الوفاء. من جانب آخر، أوضح إسماعيل أن شخصية حنين الموجودة في الرواية، "هي فتاة كويتية كانت تتعاطى الصحافة أيامها، وأعرف أيضا أنها في أيام موته السريري لازمت لندن لحين وفاته، وكانت دائما وكل ليلة بعد الساعة التاسعة تذهب إلى المستشفى وترابط عنده إلى الفجر، طبعا زوجته والعائلة يعرفون حنين، ولكن لا يعرفون طبيعة العلاقة الشفيفة التي تربط الاثنين، فاستطعت أن أقنع هذه الإنسانة بعد اغتياله بأشهر، وبعد عودتها إلى الكويت، وجلست معها نحو أسبوع، وجعلتها تحكي عن كل ما يتصل بعلاقتها، ودقائق حياة ناجي في لندن، وبالسنوات التي كان فيها بعيدا عني".متنفس
وتابع: "ويفترض أني احتشدت للكتابة، وفعلا بدأت كتابة الفصل الأول من العمل الروائي، ثم جاءت الظروف، وابتعدت عن الرواية، وأحسست بعدها بأنه هناك شيء من التقصير تجاه الوفاء لهذا الصداقة، وفي الوقت ذاته حاولت مرة واثنتين وثلاثة أن أكتب الرواية، وكانت دائما تستعصي على كتابتها باستمرار، لأني أريد أن أكتب عن ناجي، ولا أريد أن أتعرض لحياته، ولا أريد أن أتعرض لمواقفه السياسية بشكل صريح، بالإضافة إلى حساسيات أخرى فلسطينية وعائلية، فكنت كل ما أبدأ العمل يستعصي علي لصعوبته، وعند عملي في رواية العنقاء والخل الوفي لقيت متنفساً، أن أرضي قليلا من ضميري، وأن أوجد مكانا لناجي في العمل، واستطعت أن أشير له، ثم أشير إلى اغتياله في لندن في الرواية، وبعد ذلك عندما انتهيت من جملة رواياتي ومنها ابن لعبون، والسبيليات، أحسست بأني أتملك شيئا من أدوات أستطيع أن أعامل الموضوع، وشيء من الخبرة تشكل، فرجعت إلى الفصل الذي كتبته في أواخر عام 1988، وهو الفصل الذي فيه بذرة، أو ثمرة الحنظل التي رأيتها في شقته في منطقة حولي أو في النقرة، على ضفاف شارع ابن خلدون، والعودة إليها لا تعنى البداية؛ لأن هناك أمورا أخرى، فرجعت قرأت عن الموت السريري وأعراضه، وحالاته، ثم احتشدت للكتابة، وكانت هناك إنسانة وفرت لي المراجع والكتب، والتي هي الكاتبة هدى المقاطع، وكانت معي فصلاً فصلاً، حتى انتهيت من الرواية".شخصية واقعية
ومن خلال حديثه، شكر إسماعيل، الفنان عبدالوهاب العوضي، الذي أهداه لوحة مستوحاة من ناجي العلي ورسم حنظلة أيضاً، وعلق قائلا: "سأقوم بتعليقها". ومن ثم قال: "طوال السنوات التي فكرت فيها في كتابة الرواية، واستمرت أكثر من ثلاثين سنة، لم يكن في بالي أن تكون حنظلة شخصية تنطق وتفكر وتتحدث، ولكن حضر متأخرا عبر الاحتشاد الأخير للكتابة، فبالتأكيد الرواية تتضمن جانبا فتنازياً، لكني حملته شيئاً من شخصية ناجي، وجعلته انعكاسا له، لكي أجد مبرراً لحوار درامي يمتد هنا وهناك، وحنين لها دور أساسي، وهي شخصية واقعية، وكل الشخصيات الأخرى واقعية، بلا استثناء، حتى حادثة أكل "المربين" في بيت حنين، وبحضور د. غانم النجار، كانت حقيقية في لندن".