فكرية شحرة: الأديبة اليمنية لم تصل إلى ما تستحق من تقدير
• ترى أن الحرب أنتجت فضاء كتابياً حزيناً وقلقاً
تؤكد الروائية والقاصة اليمنية فكرية شحرة أن الحرب أنتجت فضاء كتابياً، حزيناً وباكياً وقلقاً على هويته، وأن الواقع الأدبي والثقافي الجديد معظمه في مواقع التواصل، وقليل منه في المواقع المتاحة وكتب منشورة. كذلك توضح أن حالة القلق هي السائدة اليوم على الوضع الثقافي والأدبي في اليمن، وتتجسد في الكتابات كلها مرارات الأوضاع السائدة.
كيف ترين المشهد الأدبي اليمني راهناً؟ينعكس الوضع الراهن في اليمن على الواقع الأدبي والثقافي. ما يشهده اليمن من حرب واحتراب أوقف الحياة تقريباً. أغلق الصحف والمواقع الإلكترونية وشرد الناس، والمتابع للمشهد الأدبي والثقافي في اليمن يجده متأخراً كثيراً عن المشهدين العربي والعالمي بسبب الجمود الذي فرض على اليمن وسياسة التجهيل والتجويع وعزل الشعب.
قلب حاف
روايتك الأخيرة «قلب حاف»، حدثينا عنها.رواية «قلب حاف» تجربتي الثانية في كتابة رواية من قلب البيئة اليمنية، تحمل صوراً ومشاهد عما تعايشه الفتاة في بيئة منغلقة بأسوار العادات والتقاليد. «قلب حاف» رواية تتعرض بوصف أدبي دقيق لمشاعر أنثى كابدت إحباطات هائلة لتصنع منها وقوداً للنجاح. وهي تنظر إلى غيرها من العاجزات عن صنع شيء مميز في حياتهن من خلال بطلة الرواية «عفاف» التي حملت جانباً من شخصيتي، وصورتها بإرادتها الواضحة لتحقيق الذات في بيئة تنكر ذات المرأة، وتجعلها مجرد ملحق وتابع لمجموعة هي الأسرة.لك إصدارات قصصية وروائية منها «غيبوبة»، و{عبير أنثى»، ماذا عنهما؟تتألف المجموعة القصصية «غيبوبة» من 27 قصة قصيرة، كتبتها على فترات متباعدة خلال سنوات، وتشرفت بعرضها على الناقد والكاتب والشاعر عبدالعزيز المقالح الذي أثنى عليها بمقدمة جميلة. أما «عبير أنثى» فهي محاولتي الأولى في كتابة الرواية. حاولت فيها أن أطرق موضوعاً شائكاً في بيئتنا حول ظاهرة موجودة للأسف رغم تجاهل حدوثها طبعا. الرواية تتحدث عن علاقة حب بين رجل وامرأة كل منهما متزوج وله حياة أخرى.قارئ أعمالك يجدها أقرب إلى التاريخ اليمني الحديث.ربما يصنفها البعض على هذا النحو، لأنني أحرص في كتاباتي على أن تكون من واقع البيئة التي نعيشها، وأصف الأخير بدقة من دون تزيين أو إجحاف. لا أفضل لكاتبة عربية أو يمنية أن تختلق أحداثاً في واقع مغاير لواقعها وشخصيات هي أبعد ما تكون عن شخصيات مجتمعها، وقد لاحظت عدداً من القاصات العربيات يفعلن هذا. أحاول أن أوجد المصداقية والواقعية في كتاباتي بل إن غالبية قصصي ورواياتي الثلاث من أحداث في هذه البيئة حول أناس صادفتهم عبر مواقع التواصل، وثمة قصص أخبرني بها البعض حدثت مع أناس حقيقيين.هل ثمة علاقة بين كتاباتك وحياتك الشخصية؟المؤكد أن أي كاتب يضع من روحه في كتاباته، أما أنا فأكتب بروحي كلها وأتقمص شخصياتي أو هن يتلبسنني. لا أكتب بمعزل عن شعوري أو تفكيري، بل أكتب قناعاتي ومبادئي وأمررها عبر شخصيات رواياتي. أكتب من بيئة أعايشها بكل ما فيها وأتعايش معها.بين الرواية والقصة
ما الأكثر تأثيراً فيك بالمجال الأدبي كتابة الرواية أم القصة القصيرة؟للقصة القصيرة مكانتها ومميزاتها، فهي في نظري وجبة إبداعية خفيفة وفاتحة لشهية القارئ، لذا أكتبها كاستراحة من ثقل وضجيج الرواية، وتبقى الأخيرة عالما يتسع لعشرات القصص والمواقف. إنها أشبه بالحياة وكلنا فيها قصص قصيرة. لكن قراءاتي في الرواية أغزر، وكانت تجربتي في كتابة الرواية حصيلة ونتاج قراءة مئات الروايات، وكنت أسعى إلى أن يكون للرواية اليمنية بتفاصيل بيئة اليمن حضور بقلم نسائي.ما رأيك بالجوائز الأدبية؟ هل تشكل دليلاً على إبداعية المنتج الأدبي؟أذهب إلى الرأي الذي يقول إن هذه الجوائز إما مسيسة أو انتقائية وليست دليلاً على إبداعية المنتج الأدبي أو جماله. دليل إبداع الكاتب في نظري تقبل القراء العمل وشيوعه والرغبة في قراءته واقتنائه.أنت كاتبة جيدة للقصة القصيرة. ما رأيك بالقصة القصيرة جداً التي بدأت تشهد رواجاً عربياً؟القصة القصيرة جداً ومضة ذكية تحتاج إلى فن وقدرة وخبرة. إنها كلمات قليلة تختزل معاني وأحداثاً ومواقف، وأنا أراها فناً جميلاً لا يقدر عليه إلا من يجيدون اللغة والأدب، ولي في هذا النوع من القصة كتيب أتمنى أن يرى النور يوماً ما.ما هي الأسماء التي تأثرت بها أدبياً وأثرت في كتاباتك؟لا أسماء محددة. كنت وما زلت نهمة في قراءة الأدب بأنواعه كافة. قرأت الأدب المترجم من الروسية والفرنسية والإنكليزية، ومعظم الكُتاب والروائيين العرب، وثمة ما علق في القلب من إبداعهم وثمة ما ذهب أدراج الرياح. كنت أحياناً أقرأ الرواية، ثم النقد حولها لأعرف القصور فيها والمزايا من وجهة نظر النقاد.ما الذي تفتقده المبدعة وينقصها في مجتمعاتنا باعتقادك؟ وهل تفكرين في المحاذير أثناء كتابتك؟أظنّ أن تقدير كتابات المبدعة هو ما ينقصها في مجتمعاتنا. والتواري خلف الرمزية يحصل بما يقتضيه الأسلوب الأدبي وليس خشية ردود الفعل حول العمل الأدبي، خصوصاً إذا راعى الكاتب المحاذير الصادمة لبيئته ومجتمعه واستطاع أن يعالجها بأسلوب لا يستثير عليه ردود فعل تعوق تقدمه أو إنجازه.المرأة اليمنية
ترى الأديبة فكرية شحرة أن المبدعات في اليمن لم يصلن إلى ما يطمحن إليه أدبياً، ولم يحصلن على التقدير والاهتمام اللذين يليقان بهن. وصارت طموحاتهن تتركز في إيجاد بيئة تقدر وتحترم كتاباتهن، وتقول: «لذا نجد الأديبة اليمنية بلا وجود يذكر تقريباً، فلا مشاركات ثقافية لها داخل اليمن أو خارجه».وعن جديدها، تذكر: «روايتي المقبلة بعنوان «صاحب الابتسامة»، تتحدث عن العامين المنصرمين في حياة اليمنيين، وعن الحرب والحب والجوع. تحمل في طياتها مأساة شعب وقصة وطن. كذلك أعمل على كتاب عبارة عن نصوص أدبية تناقش حياة المرأة العاطفية بعنوان «الرجل بعيون أنثى».