مهما كانت انطباعاتك تجاهه، إن كنت من مؤيديه أو معارضيه، فإنه لا يمكن تجاهل قوة وجوده، فوجوده يجذب الأنظار إليه أينما كان، ومن دون شك سَيُسَلط الضوء أكثر من أي وقت مضى على مدينة دافوس السويسرية لرصد جميع تحركات وتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب. حيث اشتهر ترامب بشعاراته الحمائية، شعارات تتناقض مع مبدأ المنتدى الذي يرتكز على العولمة.

لذلك، ربما كان مفاجئا أن يكون ترامب بالذات، ثاني رئيس أميركي يحضر شخصيا إلى المنتدى الاقتصادي العالمي، بعد الرئيس الأسبق بيل كلينتون قبل ثمانية عشر عاما. إذ إن الرئيس رونالد ريغان شارك عدة مرات، ولكن من خلال الفيديو.

Ad

ويرافق الرئيس الأميركي في زيارته أحد أكبر الوفود الرسمية، يتألف من سبعة وزراء بمن فيهم وزير الخزانة ستيفن منوشين، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، ووزير التجارة ويلبر روس، ووزير العمل أليكس أكوستا، ووزيرة النقل إلين تشاو، ووزير الطاقة ريك بيري، ووزيرة الأمن الداخلي كريستين نيلسن. الى جانب العديد من المسؤولين الآخرين بمن فيهم صهر الرئيس غاريد كوشنر.

مع ذلك، يرى المراقبون أن ترامب، أكثر من أي رئيس أميركي سبقه، قد يجد نفسه في أوساط اعتادها، إذ إنه جزء من نخبة رجال الأعمال والسياسة الموجودين في دافوس. كما أن المنتدى الاقتصادي العالمي قد يكون المنصة المثالية من أجل الترويج للمصالح الاقتصادية الأميركية لوجود أبرز أصحاب النفوذ في العالم.

وبعد مرور عام على دخوله البيت الأبيض، لم ينفذ ترامب السياسات الاقتصادية التي نادى بها أثناء حملته الانتخابية بالحدة التي وعد بها، حتى الآن على الأقل. بدءا من التجارة، وعلى الرغم من توقيعه أمرا تنفيذيا للانسحاب من الشراكة عبر المحيط الهادئ التي باتت تضم إحدى عشرة دولة الآن، فإنه لم ينسحب من اتفاقية نافتا مع المكسيك وكندا، وقرر إعادة التفاوض على بنودها. كما أنه يعيد التفاوض على بنود اتفاقية التجارة مع كوريا الجنوبية، بعد أن كان يدرس الانسحاب منها. إضافة إلى ذلك، لم يقم الرئيس الأميركي بفرض رسوم جمركية بـ45 في المئة على المنتجات الصينية، ولم يفرض رسوما جمركية بـ20 في المئة على المنتجات المكسيكية.

وعلى الرغم من أنه أعلن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، فإنه مع بداية 2018 اعتمد لهجة حمّالة أوجه، تجاه احتمال العودة إليها بشروط جديدة.

داخليا كذلك، سيكون قانون الضرائب الجديد أقل وطأة على إيرادات الحكومة، مقارنة مع التخفيضات التي وعد بها أثناء حملته الانتخابية. فالتخفيضات الضريبية التي أقرت ستخفض إيرادات الحكومة بنحو تريليون ونصف التريليون دولار خلال 10 سنوات من دون احتساب فوائدها على الاقتصاد، وهو أقل بأربع مرات مما طالب به خلال الانتخابات بحسب تقديرات مركز السياسة الضريبية.

تجدر الإشارة أيضا إلى أن قانون الضرائب الجديد يُخفّض ضريبة الشركات من 35 إلى 21 في المئة، رغم أن ترامب كان يطالب سابقا بتخفيضها إلى 15 في المئة. وبالنظر إلى وضع الاقتصاد، يبدو أن وعود ترامب بتنشيطه بدأت تؤتي ثمارها. فالنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة تجاوز 3 في المئة في الربعين الثاني والثالث من العام الماضي، كما أن الأجور تشهد ارتفاعا مقابل انخفاض معدلات البطالة من 4.8 في المئة لدى توليه الرئاسة الى 4.1 في أكتوبر الماضي.

ورغم ذلك، فإن عدم القدرة على التنبؤ بخطوات ترامب المقبلة تقلق بعض الخبراء، فإن هذا تحديدا ما قد يزيد من قوة حضوره في دافوس، وهو بدوره يستمتع بتسليط الأضواء عليه.

وقال الرئيس ترامب إنه سيعقد اجتماعات مع رؤساء الشركات وزعماء العالم المشاركين في فاعليات منتدى «دافوس» بسويسرا لتشجيعهم على استثمار المزيد من الأموال في الولايات المتحدة.

وأضاف ترامب أنه ذاهب إلى «دافوس»، وسوف يتحدث عن الاستثمار وحث الآخرين على المجيء للولايات المتحدة وإنفاق أموالهم فيها.

وأشار ترامب إلى الترويج للأنشطة الصناعية في أميركا كأولوية لإدارته، كما أنه سيطالب شركات بنقل صناعتها إلى الولايات المتحدة. وبحسب «بلومبرغ»، فإن ترامب سوف يركز في ترويجه للأنشطة التجارية على الإصلاحات الضريبية التي أُقرت أخيرا في أميركا للفوز باستثمارات قوية في البلاد. في المقابل، نظم مناهضون للرأسمالية مسيرات بعدد من المدن السويسرية يوم الثلاثاء احتجاجا على زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي، واخترقوا طوقا أمنيا في مدينة دافوس.

ودعا المنظمون اليساريون للاحتجاجات تحت شعار «ترامب غير مرحب به» و»هشموا المنتدى الاقتصادي العالمي».

ومن المقرر أن يلقي ترامب كلمة يوم الجمعة في المنتدى الاقتصادي العالمي المقام في دافوس، وهو اجتماع سنوي لرجال الأعمال والزعماء السياسيين في أنحاء متفرقة من العالم ويحظر تنظيم احتجاجات خلاله.

واقتحم نحو 20 متظاهرا السياج الأمني للوصول إلى مركز المؤتمرات في دافوس، وهم يرفعون لافتات ويهتفون «محوا المنتدى الاقتصادي العالمي» قبل أن تفرقهم الشرطة بشكل سلمي.

وقال أحد المحتجين، ويدعى أليكس هدينجر، لتلفزيون رويترز في دافوس «ترامب واحد من آخرين نختلف معهم. نحتج كل عام على المنتدى الاقتصادي العالمي، وسواء جاء ترامب أو لم يأت لا يهمنا. ترامب هو أفضل رمز لهذا العالم». وجرى نشر أكثر من 4 آلاف جندي سويسري لتأمين دافوس، إضافة إلى ألف شرطي، وفُرض حظر طيران في المكان.

وقالت الشرطة إن عدد المتظاهرين في زيورخ بلغ ألفين.

ونظم مئات المحتجين أيضا مسيرات في ساحات عامة في جنيف ولوزان وفريبورج. ورفعوا في جنيف لافتات كتب عليها «العنصري... المتحامل ضد النساء... الرأسمالي» و»لا تمس حقوق المرأة».