«الرهانات المغلقة»... حوارات توثيقية في الزمن الصعب
صدر عن «دار رياض الريّس» للنشر كتاب «الرهانات المغلقة» للكاتب والإعلامي يقظان التقي، ويتضمّن حوارات تشكِّل مادة توثيقية حول ظواهر داخلية وخارجية، كان لا بد من مواجهتها بالأسئلة.
يشكِّل كتاب «الرهانات المغلقة» محاولة توثيقية لما عرفه لبنان المستقر نسبياً في ظل الثورات السياسية والاجتماعية العربية، التي غرقت في مستنقع العنف، وحرص الكاتب يقظان التقي على نشر هذه الحوارات في كتاب جامع، لتزامنها مع فترة زمنية حرجة، وتفكك كثير من الحلقات المفقودة، التي توحي بأن الأوضاع غير مستقرة، وهي على فوهة بركان في المنطقة ككل.لكن في الأحوال كافة، لم تعد هي المنطقة التي نعرفها، كذلك لبنان لم يعد كما هو، في وقت ينزلق العالم إلى مستقبل مجهول، وتراجعت فيه أفكار التنوير السياسية وقيم النهضة، لمصلحة عودة غير مفهومة للعنصرية، والماضوية، والعنف.
وجهات نظر مختلفة
تعبّر هذه الحوارات عن وجهات نظر متعددة من مواقع، ومستويات مختلفة، فكرية وأكاديمية وسياسية وقانونية واقتصادية. تناقش في ظل الفوضى السائدة أوضاعاً متناقضة ومتصادمة، وتمثِّل الشخصيات وجهات نظر خاصة، لكنها تغذي السجالية الحوارية، وتمثِّل جانباً من صعود أفكار في لحظة سياسية شديدة الالتباس، تسودها الشعبوية والعشوائية، في الفصل بين السلطات، التي كانت رهينة الإرادات، وهيمنة لغة العسكريتاريا والسلاح. يقول المؤلف في هذا الصدد: «نحن إذ نعيد نشرها في كتاب، في فترة ليست بعيدة عن الأحداث، كأننا نلعب في المياه الراكدة في قضايا وعناوين عابرة للحدود الداخلية، ومتداخلة إقليمياً ودولياً، لن يكف العالم والمنطقة من تقليب الأفكار فيها، ورؤية واضحة للأحداث المتفجرة على ساحات متصارعة، ولكل ساحة ميزتها، إزاء ما يجري في الخارج، لا سيما في مسألة أساس من مثل مسألة الحرب على التطرف والإرهاب، إلى مسألة الإثنيات والأقليات، والتنوع، والديمقراطية». هذه حوارات في زمن لبناني آخر صعب، نشرت في جريدة «المستقبل» تباعاً، في محاولة إعادة ترتيب الأمور، وسط فوضى عارمة. هي محاولة إعادة قراءة ما جرى، وفهم الظاهرة اللبنانية، ومرتكزاتها الدستورية والسياسية، والاجتماعية، واستكشاف الاحتمالات المفتوحة، وخطورة الرهانات المغلقة و«غير الشرعية»، التي واجهتها تلك الشخصيات بوسائل فكرية، وديمقراطية، في ظل الظروف الإقليمية والدولية المتوترة والمتصاعدة.مساهمة فكرية
أسئلة الحرب، والجنون، والفراغ، والعنف، والدولة القانونية، والحرية، والفوضى السياسية في العلاقات الدولية، وأكثر في المسألة الداخلية اللبنانية، تعتبر كلها هامشاً بحثياً في مسرح أحداث تبلبل طويلاً، وقدر له أن يكون شاهداً على نيران تفتك بمسارح أخرى مفتوحة على المجهول. شخصيات تمثِّل نخبة حقيقية تعبِّر عن تعددية ومواقع مختلفة، لكن تجمعها السياسة، والدستور، والمواطنة. أما الهدف فمساهمة فكرية وإعلامية في توضيح إشكالات وقضايا البيت اللبناني الداخلي أولاً، فالعربي والإسلامي. أوضاع ما كانت واضحة، هذا ما كان عليه لبنان في السنوات الصعبة، وما حصل ليس قليلاً، من تخريب الدستور الأول في المنطقة العربية، ومن التبعثر في المشهد السياسي الداخلي العام، ومن اصطفافات جديدة، ونزعات غير ديمقراطية. شهدنا الكثير من تفكيك القيم الأساسية، التي نشأ عليها لبنان كنموذج تعددي وديمقراطي في مواجهة إسرائيل الدولة العنصرية، كمثال إنسانوي في التنوع بين دول المتوسط، وفي مقارعة الإرهاب المتطرف، وغيرها من ظواهر عنفية، وتقسيمات انتقائية.نشاط متنوع
«الرهانات المغلقة»، كتاب ثانٍ ليقظان التقي بعد «الإعلام والعولمة والديموقراطيات» (دار رياض الريّس 2016)، وهو دراسة أعدّها المؤلف ونال عنها شهادة دكتوراه في العلوم السياسية في «المعهد العالي للدكتوراه» في الجامعة اللبنانية، وحضَّر لها إلى جانب عمله الدائم كناقد في شؤون المسرح والموسيقى والمعارض في صحيفة «المستقبل»وتحضيره الأسبوعي لبرنامج إعلامي في «إذاعة الشرق» في بيروت.