6/6 : حديقة الشهيد... إبداع وألم
إذا لم يتوافر لنا من معالم حضارية خلال السنوات العشر الماضية إلا مركز جابر الأحمد الثقافي وحديقة الشهيد، فذلك يكفينا، لأسباب عديدة، ليس المجال لذكرها في هذا المقال.لكني سأنشغل وأشغلك معي عزيزي القارئ، وعبر عدة سطور، بالشق الخاص بإعجابي بالإبداع والرونق والجمال وحُسن المنظر الذي يأسرك متجولاً في هذا المَعْلَم الرائع، وخاصة في مثل هذه الأيام الذهبية من السنة، التي تعد أجمل الأيام. وفي الوقت نفسه سأشغلك بما أشعر به من ألم، بأن مَن يدخل هذه الحديقة الرائعة يخرج منها وهو يشعر بأنه لا نصيب للشهيد أو الشهداء في تلك الحديقة إلا اسمها، وما على المهتم بإحياء أسماء شهداء الكويت إلا أن يستعين بأجهزة البحث والتقصي والاستعانة بـ"قوقل إيرث"، للاستدلال على الحائط الذي كتبت الدولة عليه أسماء شهداء هذه الأرض، سعياً لتخليدهم في ذاكرة الوطن، أو على الأقل زائري هذا الموقع المسمى باسمهم.الألم يصيب المهتم والمطالب بالاحتفاء المطلق بالشهداء، باعتبار أنهم مَن ضحوا بدمائهم وأرواحهم، في سبيل تراب أرضهم، وكرامة وطنهم، وبقائه، وتحريره، وعودة الشعب إليه متمسكاً بقيادته وشرعيته، وأنهم الأولى بالرعاية والتقدير والإحاطة والتكريم، وهو ما تفضَّل به أميرنا الراحل الشيخ جابر الأحمد، وسمو أميرنا الوالد الشيخ سعد العبدالله، طيَّب الله ثراهما، وأكمل مسيرتهما "أمير الإنسانية"، قائدنا سمو الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، من خلال مكتب الشهيد، وما يحيط به أسر وأبناء الشهداء من رعاية أبوية سامية، وتلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم، تكريماً لآبائهم وأبنائهم وبناتهم الذين قضوا نحبهم دفاعاً عن الأرض والعرض والكرامة الوطنية. وتوِّج ذلك بافتتاح سمو الأمير لواحد من أهم المنجزات الحضارية، وهي الحديقة الرائعة، التي حملت اسم الشهيد.
استمرت جهود تخليد أسماء الشهداء أمام الأجيال وزائري البلاد في المكان اللائق، وهو تلك الحديقة الحضارية الرائعة، لكن لا يجوز أن يكون الموقع المختار فيها عبارة عن منحدر منزوٍ في الجزء الفاصل بين المرحلتين الأولى والثانية من الحديقة الغنَّاء، ولا تكاد تعثر عليه العين المجرَّدة، حيث لا إعلان ولا توجيه ولا تنويه بالنصب الزجاجي الأنيق القريب من السرداب المؤدي لأسماء الشهداء! الألم يزداد حول طريقة عرض ما يزيد على ألف من أسماء الشهداء، دون ربطها بصورهم، أو تواريخ استشهادهم، أو حروب الاستشهاد.إن إبراز أسماء الشهداء في مدخل هذا الصرح الإبداعي والجمالي، والذي تم تنفيذه من قبل الديوان الأميري، مشكوراً، وتتم إدارته بمهنية عالية من قبل شباب "لوياك الرائعين"، سوف يتلاءم مع اهتمام الدولة بالشهيد، وتسمية هذا الصرح باسمه، وسيُكمل فرحة قلوب ذوي الشهداء، وافتخارهم بدماء أبنائهم التي انسكبت، وأرواحهم التي قدموها فداء لوطنهم حين يرون أسماءهم مسطورة بشكل يليق بتكريمهم.نأمل فزعة مَن يهمه الأمر، خصوصاً أن هذه الملاحظات سبق أن وصلت إلى مراجع عليا، ومأمول منها الخير دائماً.وسننتظر.