«سوتشي» تظاهرة انتخابية!
لا يمكن أن يكون كل هذا الحشد الدولي الذي دعت إليه موسكو للمشاركة في مهرجان "سوتشي"، على شواطئ البحر الأسود الجميلة، هو من أجل إيجاد حلٍّ للأزمة السورية، التي مرَّ عليها حتى الآن أكثر من سبع سنوات، وكانت في كل سنة تصبح أكثر تعقيداً وتزداد مأساوية، إذْ كان بإمكان "الرفيق" فلاديمير بوتين، وليس فلاديمير لينين، أن ينهي هذه الأزمة، ومبكراً، بجملة مختصرة واحدة هي: نعم ليرحل الأسد!لا ضرورة إطلاقاً لدعوة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ولا الدول الفاعلة الكبرى في الاتحاد الأوروبي، ولا كل هذا العدد، الذي سيكون حمولة زائدة من الدول العربية، كي يتم حلّ "معضلة" كان بإمكان الرئيس الروسي حلها باستدعاء بشار الأسد، كما استدعاه في مرات سابقة، إلى قاعدة "حميميم"، والغمز له بطرف عينه، مع رسم ابتسامة سخرية على وجهه والقول له: "وداعاً يا عزيزي... احزم حقائبك وارحل"!
ولعل ما سيكون مفاجأة صاعقة بالفعل أن يكون بشار الأسد من بين كل هذه الجماهير الصغيرة و"الغفيرة" التي ستدعى إلى "سوتشي"، فهذا سيجعل المدعوين من المعارضة السورية، الذين تم استدعاؤهم ليكونوا "ديكوراً" تزويقياً لهذه التظاهرة الهائلة، يفرون كالعصافير المذعورة، ليس خوفاً وخشية من هذا "الأسد" الصغير، ابن أبيه، ولكن خجلاً من شهداء الشعب ولاجئيه ونزلاء سجون هذا النظام الذي يعتبر تجميلاً لها وصفُها بأنها "مسالخ بشرية"!إن المعروف أن لدى بوتين نزعة إمبراطورية لم تكن لدى جوزيف ستالين، ولا لدى أيٍّ من القياصرة الذين تناوبوا على قيادة هذا البلد العظيم فعلاً، سابقاً ولاحقاً وحتى الآن، وهذا هو ما دفعه إلى تحويل "سوتشي" إلى مثابة كونية للعديد من قادة العالم، وعلى رأسهم رؤساء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي: "الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وفرنسا والصين"... ولله في خلقه شؤون.والمؤكد أن بوتين، الذي يستحق أن يصبح "إمبراطور" الكرة الأرضية كلها، مقارنة وقياساً بهذا "الأجْدب" الذي اسمه دونالد ترمب الغارق بخُزعبلات التاريخ حتى ذروة رأسه، يعرف أن نجاحه في الانتخابات الرئاسية الروسية المقبلة مضمونٌ، وأن لا منافس له في هذه الانتخابات حتى جوزيف ستالين، لو أن معجزة تُنهضه من قبره، لكن ما أراده بكل هذا الحشد الكوني هو القول للروس إنه هو الرئيس للأبد، لا بشار الأسد!