أكدت مصادر من أسرة الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال، وأحد شركائه التجاريين، أمس، أنه أطلق سراحه بعد أكثر من شهرين على توقيفه في «ريتز كارلتون» مع عشرات المشتبه فيهم الآخرين، بينهم أمراء ووزراء حاليون وسابقون ورجال أعمال في قضايا تتعلق بالفساد.

وأوضحت مصادر من داخل الأسرة، فضلت عدم كشف هويتها، في تصريح مقتضب أمس، أن «الأمير الوليد بن طلال (62 عاما) يوجد حاليا في قصره في حي الفاخرية بالرياض».

Ad

وقال مصدر حكومي سعودي مطلع ورفيع المستوى إنه «تمت موافقة النائب العام السعودي، صباح أمس، على التسوية التي تم التوصل إليها مع الأمير الوليد بن طلال. وعاد الأمير في الساعة 11 من صباح اليوم إلى بيته».

وعما إذا كان النائب العام قد اقتنع ببراءة الأمير طلال أضاف المصدر: «لن أقوم بنقض أو تأكيد ما يقوله. من ناحية المبدأ العام، هذا أمر راجع لمن قاموا بالتسوية، وبكل تأكيد لا يوجد تسوية إلا بسبب مخالفات، ولا تتم التسويات إلا بإقرار المتهم بها وتوثيق ذلك خطيا وتعهده بعدم تكرارها». ولم يقدم المصدر تفاصيل أخرى.

وبسؤاله عما إذا كان الأمير الوليد سيظل رئيسا لشركة المملكة القابضة قال: «بكل تأكيد».

وقبل ساعات على اطلاقه، قال الملياردير السعودي، إنه يتوقع تبرئة ساحته من ارتكاب أي مخالفات وإطلاقه خلال أيام من دون المس بأصوله الضخمة.

وكان الأمير الوليد يتحدث في مقابلة حصرية مع «رويترز» في جناحه في «ريتز كارلتون» في الرياض حيث احتجزته السلطات منذ ما يزيد على شهرين مع عشرات المشتبه فيهم الآخرين، ضمن خطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الجريئة لإحكام قبضته وإجراء إصلاحات في المملكة.

وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها الأمير الوليد، أحد أبرز رجال الأعمال في المملكة، علنا منذ توقيفه.

وقال الوليد إنه لا يزال يصر على براءته من أي فساد خلال المحادثات مع السلطات، متوقّعاً الإبقاء على سيطرته الكاملة على شركته المملكة القابضة من دون مطالبته بالتنازل عن أي أصول للحكومة.

«سوء فهم»

ووصف الأمير الوليد توقيفه بأنه «سوء فهم»، وقال إنه يؤيد مساعي الإصلاح التي يبذلها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وقال في المقابلة، التي جرت بعد منتصف الليل بقليل: «لا توجد اتهامات. هناك بعض المناقشات بيني وبين الحكومة... أعتقد أننا على وشك إنهاء كل شيء خلال أيام».

وبدا الشيب أكثر على الأمير الوليد كما بدا أنحف مما ظهر علنا آخر مرة خلال مقابلة تلفزيونية في أكتوبر، ونمت لحيته أثناء احتجازه.

وأضاف «ليس لدي ما أخفيه على الإطلاق. أنا مرتاح جدا وعلى راحتي جدا. أحلق هنا وكأنني في البيت. يأتي حلاقي إلى هنا. أعيش كأنني في بيتي بصراحة (...) قلت للحكومة سأبقى للفترة التي تريدها لأنني أريد أن تنكشف الحقيقة في شأن كل تعاملاتي وكل الأمور من حولي».

والأمير الوليد، وهو في الستينيات من العمر، هو واجهة قطاع الأعمال في السعودية بالنسبة للعديد من الأجانب وكثيرا ما يظهر على شاشات التلفزيون الأجنبية ويتحدث عن استثماراته المتنوعة وأسلوب حياته.

واستغرقت مقابلة «رويترز» الحصرية مع الأمير 30 دقيقة، وتضمنت جولة في جناحه في الفندق. وقال الأمير، إن أحد الأسباب الرئيسية للموافقة على إجراء المقابلة هو «تفنيد اشاعات إساءة معاملته ونقله من الفندق إلى السجن».

حذاء رياضي ووجبات نباتية

وأشار الأمير الوليد إلى وسائل الراحة المتاحة له في جناحه في «الريتز كارلتون» من مكتب خاص وغرفة طعام ومطبخ امتلأ بمخزون من وجباته النباتية المفضلة.

وفي أحد أركان مكتبه كان يوجد حذاء رياضي قال الأمير إنه يستخدمه عند ممارسة الرياضة بانتظام. وكان جهاز التلفزيون يعرض برامج إخبارية عن الشركات، كما كان على مكتبه قدح طبعت عليه صورته.

ومن شأن إطلاق الأمير الوليد، الذي تقدر مجلة «فوربس» قيمة ثروته بنحو 17 مليار دولار، أن يطمئن المستثمرين على إمبراطوريته التجارية العالمية وعلى الاقتصاد السعودي بشكل عام.

ويملك الوليد، في شكل مباشر أو غير مباشر عبر «شركة المملكة القابضة»، حصصا في مؤسسات مثل «تويتر» و«سيتي غروب»، وله استثمارات في فنادق كبرى مثل «جورج الخامس» في باريس و«بلازا» في نيويورك.

وقال الأمير الوليد إنه يستطيع التواصل مع أسرته والقائمين على أعماله.

وردا على سؤال عن سبب احتجازه وبقائه طوال هذه المدة رغم خروج موقوفين آخرين قال: «هناك سوء فهم تجري إزالته. لذلك أود البقاء هنا إلى أن ينتهي هذا الأمر تماما وأخرج وتسير الحياة».

وتابع: «لدينا قيادة جديدة الآن في السعودية ويريدون فقط تقصي كل التفاصيل. وقلت: حسنا، وهو كذلك، لا مشكلة لدي على الإطلاق. تفضلوا».

وقال الأمير الوليد، إن قضيته تستغرق وقتا أطول، لأنه مصمم على تبرئة ساحته تماما، لكنه يعتقد أن القضية انتهت بنسبة 95 في المئة، مشيرا إلى أنه مستاء جدا من تقارير إعلامية تحدثت عن نقله إلى السجن وتعذيبه.

وأضاف «هذا مؤسف جدا. كنت أعتزم إجراء مقابلة عندما أخرج، وهو أمر أظنه وشيكا، لكنني قررت التعجيل بالأمر وقبول هذه المقابلة اليوم بسبب كل هذه الاشاعات. هي غير مقبولة على الإطلاق وكذب محض».

وقال الأمير إنه يعتزم مواصلة الحياة في السعودية بعد إطلاق سراحه، وكذلك العودة إلى إدارة أعماله في العالم.

وتابع: «لن أغادر السعودية بالقطع. هذه بلدي، وهنا أسرتي وأبنائي وأحفادي. هنا أملاكي. ولائي ليس مطروحا على الطاولة».

وظهرت في الأيام القليلة الماضية دلائل على أن الحملة توشك أن تنتهي. وصرّح مصدر رسمي لـ«رويترز» أمس الأول، بأن السلطات أطلقت عددا من كبار رجال الأعمال من بينهم وليد الإبراهيم بعدما توصلوا إلى تسويات مالية مع السلطات.

وأكد المصدر أن وليد الإبراهيم، ورجل الأعمال فواز الحُكير، ورئيس الديوان الملكي السابق خالد التويجري، والرئيس السابق لهيئة حماية البيئة تركي بن ناصر توصلوا إلى تسوية مع السلطات في إطار حملة مكافحة الفساد. ولم يفصح المصدر عن تفاصيل التسويات، لكنه نفى في الوقت نفسه تقريرا لصحيفة «فايننشال تايمز» يزعم أن الإبراهيم تنازل عن ملكيته لـ«إم بي سي»، وقال: «التقرير غير صحيح تماما ولم تتغير ملكيته ولو بسهم واحد... التسوية مرتبطة بأمور أخرى نحن غير مخولين بمناقشتها وقد غادر اليوم (الجمعة)».

وجاء في رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلها سام بارنيت، الرئيس التنفيذي لمجموعة «إم بي سي» للعاملين، أن السلطات أطلقت سراح الإبراهيم وانه مع أفراد عائلته في الرياض.

من جهتها، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) أن السلطات السعودية أفرجت عن المذكورين الأربعة بعد نحو ثلاثة أشهر من توقيفهم.