قال تقرير "الشال" الاقتصادي الأسبوعي، إن أسعار مزيج خام برنت لامست مستوى 70 دولاراً للبرميل في شهر يناير الجاري، بينما بلغ معدل سعر الخام نفسه لكامل عام 2017 نحو 54.12 دولاراً للبرميل، وبلغ أدنى سعر له خلال العام الفائت نحو 43.98 دولاراً للبرميل (20 يونيو 2017)، وأعلى سعر له نحو 66.80 دولاراً (28 ديسمبر 2017).

ووفق التقرير، فإن ذلك التذبذب الحاد كان أيضاً من نصيب عام 2016، إذ بلغ معدل سعر برميل خام برنت نحو 43.64 دولاراً للبرميل، بينما بلغ أدنى سعر له نحو 26.01 دولاراً (20 يناير 2016)، وأعلى سعر له نحو 54.97 دولاراً (29 ديسمبر 2016).

Ad

وفي التفاصيل، وما نريد أن نلمح له أمران، الأول، هو أن قراءة أسعار النفط يجب أن تكون قراءة المعدل السنوي لها وليس آخر سعر، والثاني، هو أن ذلك التذبذب الحاد في الأسعار خلال السنة مؤشر خطير على حالة تؤكد عدم إستقرار سوقه.

مستوى سعر مزيج خام برنت للأسابيع الثلاثة الأولى من يناير الجاري بلغ نحو 69 دولاراً، وكما أسلفنا سابقاً حول عدم استقرار سوق النفط، هذا المستوى المرتفع قد يكون خادعاً، والمخاطر المحتملة، التي قد تهوى بأسعاره إن تحققت تنحصر في عاملين.

العامل الأول، هو أن هذا المستوى المرتفع سوف يحسن كثيراً من اقتصادات إنتاج النفط غير التقليدي -الصخري- وقد نرى لاحقاً خلال العام الجاري زيادة كبيرة في المعروض منه.

والعامل الثاني، هو أن مستوى الأسعار المرتفع الحالي ناتج عن دعم إصطناعي بخفض طوعي للإنتاج لدول منتجة داخل وخارج "أوبك"، وهناك احتمال دائم بأن ينفرط ذلك الاتفاق، وأثر انفراطه أسوأ على أسعار النفط من زيادة إنتاج النفط الصخري.

وتلك مخاطر الزمن القصير فقط، والقلق يكمن في احتمال أن يُعد مشروع موازنة 2018/2019، وهو شبه منته، بتراخ في قضية ضبط النفقات العامة بتشجيع من مستوى الأسعار الحالي غير المستدام، ذلك إضافة إلى مخاطر المدى المتوسط إلى الطويل وتبدو أكبر، عندما يبدأ استهلاك النفط بالانخفاض عن مستواه الحالي البالغ 98 مليون برميل يومياً.

والتعامل مع المالية العامة للدولة من الأفضل أن يعتمد أسوأ سيناريو لسوق النفط، أو على أقل تقدير السيناريو الأكثر حظاً للتحقق، أي لابد من اعتماد أسعار دون مستوى أسعار شهر يناير الجاري بكثير، ولا نعني هنا السعر الافتراضي في الموازنة، فهو بلا معنى، إنما السعر الذي يحكم مستوى النفقات العامة المستدام.

ما نقصده هو ضبط مستوى الإنفاق العام، بما يتسق مع ذلك السعر المحتمل، فالثابت هو أن قرار خفض النفقات العامة قرار غير مرن، ما يجعل تكاليف ارتفاعها أمر غير محتمل على المدى المتوسط إلى الطويل.

وفي آخر تقرير للجنة الميزانيات والحساب الختامي في مجلس الأمة، يذكر رئيسها عدنان عبدالصمد، أن التزامات الدولة الناتجة من التوسع في إصدار السندات والصكوك باتت قريبة جداً من قيمة أصول الاحتياطي العام، والدور على احتياطي الأجيال القادمة.

وتضخم الدين العام، وعبء بنوده لاحقاً على الإنفاق العام، سوف يكتسب زخماً متسارعاً مع الوقت، ومتزامناً مع ضعف لأسعار النفط، وأي تلكؤ في ضبط النفقات العامة، سوف يعني أن إرث تلك المشكلة سيكون أكبر من قدرة سوق النفط على احتماله.