عقب أزمة استمرت تسع سنوات، أظهرت مؤشراتٌ تحسّن الأوضاع الاقتصادية في اليونان، مثيرة ارتياح المؤسسات، التي كانت ترى قبل ثلاث سنوات أن وضع البلاد ميؤوس منه، لكن اليونانيين لا يشعرون بهذا التحسن.

وقالت كريستين لاغارد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي الخميس الماضي: «سرني لقاء رئيس الوزراء (اليوناني) ألكسيس تسيبراس في دافوس. هنأته على التقدم، الذي تحرزه بلاده».

Ad

وتغير موقف الجهات المانحة لليونان منذ انتخاب تسيبراس في يناير 2015 استناداً إلى برنامج من اليسار الراديكالي المعارض لخطتين لمنح قروض فرضهما الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي منذ 2010 تقضيان بالحصول على أموال مقابل إصلاحات.

واضطر تسيبراس إلى الموافقة في يوليو2016 على توقيع خطة أكثر صرامة نجح في تطبيقها مستنداً إلى أغلبية برلمانية ضئيلة، مصراً على مواصلة تطبيق الإصلاحات الصعبة، رغم الغضب الشعبي المتنامي.

وتأمل اليونان أن تنتهي من تطبيق هذه الخطط في أغسطس.

وكشف خبراء في مؤسسة «سيتيغروب» أن «المراجعة» الثالثة للبرنامج الحالي، التي يفترض أن تتيح صرف 6.7 مليارات يورو لليونان بين فبراير وأبريل «قد تكون الأسرع منذ بدء تطبيق خطط الإنقاذ».

للحصول على هذه الأموال على الحكومة أن تثبت فعاليتها في تطبيق البرنامج الجديد لبيع ممتلكات اليونانيين غير القادرين على إيفاء ديونهم في مزاد علني على الإنترنت، وهو نظام مصمم لتخفيف الأعباء عن المصارف المتعلقة بالديون الهالكة ولمنع المتظاهرين من الوصول إلى مواقع البيع.

ومع تطبيق مثل هذه الإجراءات، تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب سيريزا الذي يتزعمه تسيرباس، خاسر حالياً أمام حزب «الديمقراطية الجديدة» (اليمين المحافظ) في الانتخابات المقبلة المقررة في الخريف 2019.

وقال كلاوس ريغلينغ المدير العام لآلية الاستقرار الأوروبية الاثنين الماضي، بعد اجتماع لوزراء المال في مجموعة اليورو، إن اليونان اليوم «لم تعد في أزمة».

وتأمل أثينا أن تطلق مفاوضات حول خفض ديونها (178 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي في 2017).

وسجلت في 2017 أول نمو فعلي لها منذ تسع سنوات قدر بـ 1.3 في المئة وبـ 2 في المئة لهذا العام والسنوات المقبلة، كما يتوقع خبراء الاقتصاد.

وكشفت وكالة «ستاندارد آند بورز» للتصنيف الائتماني أن البطالة، التي لا تزال الأسوأ في أوروبا، انخفضت إلى 20.5 في المئة في 2017 بعد أن بلغت 27.9 في المئة في 2013 ورفعت التصنيف الائتماني لليونان إلى «بي» مع توقعات ايجابية.

وفي يوليو، أصدرت اليونان سندات بقيمة ثلاثة مليارات يورو على خمس سنوات، وقامت بمبادلة سندات بقيمة 30 مليار يورو في نوفمبر، في عمليتين كللتا بالنجاح.

ويقول الخبراء، إن اليونان قد تخضع لاختبار جديد في فبراير قبل عودتها إلى الأسواق في أغسطس، بعد الانتهاء من تطبيق برنامجها.

لكن بعض المؤشرات لا تزال سلبية إذ إن الاستهلاك تراجع بنسبة واحد في المئة في الفصل الثالث من 2017 على مدى عام وكذلك الاستثمار بنسبة 8.5 بالمئة.

وأقر ديميتريس بيباس خبير الاقتصاد لدى اتحاد الشركات الصغيرة والمتوسطة بـ»تسجيل تحسن طفيف، وعلى الأقل، استقرار» في استهلاك الأسر أخيراً، لكن «لا يزال هناك أكثر من 35 في المئة من الناس الذين هم تحت عتبة الفقر» ويضطرون إلى قبول رواتب شهرية تقل عن 500 يورو.

ويعيش نصف اليونانيين أيضاً من رواتب تقاعدية لهم أو لأقاربهم ويؤجل 40 في المئة من الأسر زيارة الطبيب لأسباب مالية.

وقال بيباس في دراسة، إنه نتيجة لذلك يطمح سبعة من كل عشرة شباب تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً الى مغادرة البلاد مؤكداً أن هذه النسبة «ضخمة» للأسف.

وأضاف أن انتهاء الأزمة «أشبه بما يحصل بعدما تنحسر المياه إثر تسونامي ونواجه عواقبه». ودعا إلى سياسة استثمارية واسعة و»تخفيف» القيود عن الموازنة المقررة لسنوات بعد انتهاء خطة الإنقاذ.

وأشار إلى أنه «في غياب ذلك، سيحاول الاقتصاد اليوناني ضمان استمراريته بدلاً من النمو».