الممثلة ملاك… قضية الأمة

نشر في 28-01-2018
آخر تحديث 28-01-2018 | 00:20
 محمد الوشيحي سقى الله تلك الأيام، كنت أتلقى اتصالات، قبل بدء حلقات برنامجي التلفزيوني، من أحد موظفي الدولة المختصين بالرقابة ومتابعة وسائل الإعلام: "يرحم أبوك يا الوشيحي لا تغوص حيل، ما نبي نكتب عنك تقارير، عطنا مجال نرقّع لك"، فأسأله، باعتباره صديقاً: "هل المطلوب منكم تفريغ الحلقة أم تقييم الحلقة وما جاء فيها؟"، فيجيب: "تفريغ وتقييم وبحث عما يمكّننا من تحويلك إلى النيابة".

لذلك كنت أتحدث في الحلقات كأنني أمشي في حقل ألغام، رغم أن الحلقات تُبث على الهواء مباشرة، لكن الغلطة الأولى هي الأخيرة، تماماً كما يقول العسكريون: "في الذخيرة، الغلطة الأولى هي الأخيرة"، إذ لا مجال لتصحيح الخطأ بعد انفجار الذخائر، ولا مجال لتصحيح الخطأ بعد أن تفلت مني جملة، أو تتوه ناقة عن قطيع نياقي.

هذا النوع من الإعلام التلفزيوني، أقصد ما كنا نقدمه وما تقدمه المعارضة بشكل عام، تم تصنيفه وتلوينه باللون الأحمر، في ذهن الحكومة وأدواتها، لذا يجب قمع هذا النوع من الإعلام، وإغلاق وسائله، ومطاردة الفاعلين فيه ومعاقبتهم بأقسى العقوبات، وإغراقهم في القضايا حتى يختنقوا.

أما الإعلام المفضل والمطلوب والمسموح به، الإعلام ذو اللون الأخضر، فهو ما يهاجم المعارضة، أو ما يسطّح الأمور، ويركز على توافه الأشياء، كما يفعل أحد الإعلاميين، الذي يتنقل بين الهجوم على المعارضة بشكل مستمر، ومناقشة أشياء مثل: "أنتِ يا الممثلة ملاك، أليس اسمك الحقيقي هو عهود؟"! وهو بهذا جاب الذيب من ذيله، وكشف عن سابقة لم تحصل في عالم الفن والتمثيل، بدءاً من عمر الشريف وليس انتهاءً بملاك الكويتية.

على أن المشكلة ليست هنا، أقصد ليست في التسطيح، بل في الخوض في خصوصيات البشر، مثل "كنتِ منتقبة والآن خلعتي نقابك"، و"أنتِ مطلقة شخص عراقي"، وما شابه من دخول البيوت وفتحها للعامة.

هذا هو الإعلام التلفزيوني المطلوب، وهذه هي المواضيع التي ترغب حكومتنا في أن تشغلنا بها، فنختلف حول سبب خلع الممثلة نقابها، وشخصية مُطلقها العراقي. على أنني لا أستبعد محاولة بعض الأجهزة الحكومية التركيز على اسم مطلق الممثلة، وصورتها عندما كانت منتقبة، لتصبح الممثلة ملاك قضية الأمة، لا سجناء دخول المجلس، ولا الجنسيات، ولا ولا ولا...

back to top