تتبعثر الخواطر، ويتشتت الفكر، كلما مضى بك العمر، تبحث عن أحلامك وأمانيك أين استقرت، وعن خطاياك وحسناتك ماذا بك فعلت؟... بين الرحلة السرمدية للبحث عن الحقيقة والخير ونفسك الأمَّارة بفعل الشر، واستجابة روحك لمواعظ الشعراوي، وتعلقها بقيثارة بليغ ومكاوي وأجنحة أم كلثوم العابرة بها إلى الهيام والسمو... فماذا أنت فاعل اليوم بكل ما تحمله من أفكار وذكريات وشيب؟!

يتردد في صدعك صدى صوت عبدالناصر "سنحارب... سنحارب"، وفي مقلتيك انعكاس صورة يد السادات الممدودة في الكنيست للسلام، وصوت عبدالله السالم "أصدرنا الدستور"، ولاحقا عبدالعزيز الصقر يقرأ بيان جدة، ونصائح سامي المنيس للسُّلطة، واستماتة دفاع محمد شرار عنها، وتنتشي برائعة عوض دوخي "صوت السهارى"، وتخشع لتلاوة مشاري العفاسي، تضحك مع عبدالحسين... وتشعر بروح أهل بلدك الجميلة وأصالتها مع النفيسي وغانم الصالح.

Ad

تتذكر ليالي حولي الفلسطينية، وكازينو أبوالفدا في صيف مصر، و"تشيحط" ولد العز بوصف بنات مونترو ولندن، ومرورهن على بحمدون عند القفال وقبل العودة، وتتذكر الإحساس بفرحة أول معاش والنوط الأخضر بوعشرة، والعذاب والكفيل عند "التسهيلات"، لكي تكتمل "الكشخة" بموتر نصف "هاردتوب" يصدح فيه شريط عبدالكريم "تأخرتي"، ويرد عليه جمعة خان بـ"أتت هند شاكية لأمها"!

تمر عليك كل خيالاتك الصبيانية عن الحب والمال والمنصب، وتتذكر كل رسائل العشق التي كتبتها ولم تتلقَ ردوداً عليها أبداً... فتضحك، وتتردد في عقلك عناوين الأخبار عن الديمقراطية والحريات ودولة القانون والمساواة... فتسخر، ورغم كل ذلك، مازلت أحلم بالعشق والعدل ووطن أجمل... ومازال صوت أم كلثوم يسكرني، وعود العماري يطربني، ونصائح بوأحمد (المنيس) تعيش معي، وفي نفوس غالبية أهل وطني... فلن تهزمني أيها الشيب... مادمت حياً!