بالتزامن مع انتهاء مهلة منحها "المجلس الانتقالي" الداعي لانفصال جنوب اليمن من أجل إطاحة حكومة أحمد بن دغر المعترف بها دولياً، اندلعت اشتباكات في محيط القصر الرئاسي ومناطق أخرى بالعاصمة اليمنية المؤقتة جنوبي البلاد بين القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي والانفصاليين بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة.

وتضاربت الأنباء بشأن سبب اندلاع الاشتباكات، ففي حين ذكرت مصادر حكومية أن القتال بدأ بعد محاولة قوات تابعة لما يسمى بـ"الحزام الأمني" الموالية لرئيس "المجلس الانتقالي" عيدروس الزبيدي، السيطرة على معسكر تابع لقوات الحماية الرئاسية التابعة للرئيس اليمني، ذكرت مصادر "المجلس الانتقالي الجنوبي" أن المواجهات اندلعت بعدما حاولت قوات الحماية الرئاسية تفريق متظاهرين من أنصار الزبيدي تجمعوا صباح أمس، للاعتصام في ساحة العروض للمطالبة بإسقاط حكومة بن دغر احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية في المدينة.

Ad

وحذر المجلس الذي يقوده الزبيدي، محافظ عدن السابق، في بيان الأحد الماضي من أنه اذا لم يقم هادي بتغييرات في حكومته، فإن الانفصاليين سيستخدمون الشارع لإسقاط الحكومة. وانتهت المهلة الزمنية صباح أمس.

وتتلقى قوات الحكومة دعماً عسكرياً من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية. كما تتلقى قوات "الحزام الأمني" دعماً مماثلاً من التحالف، وخصوصاً من الإمارات التي تقوم بتدريب وتجهيز عناصرها.

تهدئة وإنقاذ

وسارع الرئيس اليمني إلى دعوة جميع الأطراف لوقف فوري لإطلاق النار في عدن بعد إجراء محادثات مع قيادة التحالف العربي.

في موازاة ذلك، طالب رئيس الوزراء جميع القوات التابعة لحكومته بالعودة إلى ثكناتها، وإخلاء المواقع التي تم احتلالها، صباح أمس، "من الطرفين دون قيد أو شرط".

واتهم بن دغر الانفصاليين بقيادة انقلاب في عدن، ودعا التحالف إلى التدخل، قائلاً، إن على السعودية والإمارات خصوصاً "التعامل مع الأزمة في عدن، التي تنحو شيئاً فشيئاً نحو المواجهة العسكرية الشاملة"، مشدداً على أن "الأمل كما نراه نحن في الحكومة معقود على الإمارات العربية المتحدة، صاحبة القرار اليوم في عدن". وأضاف: "لا ينبغي أن تذهب جهود العرب ودماؤهم في اليمن إلى سقوط الوحدة وتقسيم البلاد"، مضيفاً أن "هذه جريرتها لا تقل فداحة عن جريمة الحوثيين في صنعاء، ولا ينبغي لكل شريف في اليمن الصمت عما يجري في عدن. اليمن يتمزق لأننا نصمت ولا نصرخ ونخاف قول الحقيقة".

وأكد أن "الممارسات غير الواعية في عدن، تمثل خدمة مباشرة للحوثيين وإيران، وحلفائهم في المنطقة". وتابع: "هناك في صنعاء يجري تثبيت الانقلاب على الجمهورية، وهنا في عدن يجري الانقلاب على الشرعية ومشروع الدولة الاتحادية".

سيطرة وشلل

وسيطر الانفصاليون على مقر الحكومة بمديرية خور مكسر في خضم المواجهات الدامية وتمكنوا من أسر عشرات من العناصر الموالية لقوات الحكومة، غير أن نائب وزير الداخلية في حكومة هادي اللواء علي ناصر لخشع، أكد أن الوضع في محافظة عدن تحت السيطرة وأن القوات الموالية للحكومة تسيطر على الموقف وتتعامل كما يجب مع القوات التي وصفها بـ"المتمردة".

وأشارت مصادر إلى أن المبنى أنشئ حديثاً ليكون مقراً للحكومة لكنه لم يفتح بعد، إذ لا يزال القصر الجمهوري في منطقة المعاشيق مقراً لها. وأكدت المصار أن الاشتباكات توسعت ووصلت إلى مواقع قريبة من منطقة المعاشيق. أفادت مصادر طبية بسقوط 15 قتيلاً، هم ثلاثة مدنيين و12 عسكرياً ومسلحاً من الطرفين، و30 جريحاً.

وتسببت المعارك في توقف المطار والمدارس والمحلات التجارية عن العمل، وسط حال من الشلل التام في المدينة.

وقال سالم ثابت العولقي، المتحدث الرسمي باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، عضو هيئة الرئاسة في بيان: «إننا مع التهدئة بعد التصعيد الشعبي، الذي جرى في عدن ضد الاختلال الحكومي في مختلف الجوانب»، مشيداً بالمساعي الكبيرة التي تقودها دول التحالف العربي في هذا الخصوص.

وتابع: «نؤكد لأخواننا في دول التحالف العربي والرئيس هادي أننا ملتزمون بالنهج السلمي في المطالبة بتغيير الحكومة والوقوف على الاختلالات في كل المحافظات والوزارات، التي انعكست سلباً على توفير أبسط مقومات الحياة الكريمة للمواطن، كما نؤكد التزامنا الكامل كشركاء في محاربة العدو المشترك وإنهاء الإنقلاب المتمثل في مواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران وتحريرما تبقى، وخروجنا اليوم سلمي ونؤكد على تجنب الاحتكاك العسكري وأي مظاهر مسلحة في الجنوب مع الحرص على عدم المساس بمؤسسات الدولة». وأضاف البيان: «نثق كل الثقة بأن التحالف العربي سيتدخل بكل إمكانياته لحل كافة الاختلالات جذرياً وذلك استجابة لمطالب الشعب ومن أجل الدفاع عن انتصاراته وانتصارات التحالف العربي والحفاظ على المكتسبات التي تحققت إلى الآن».

وأكد العولقي، على «تجديد التفاعل الإيجابي للجنوبيين واستجابتهم الكاملة مع جهود ومساعي دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في حل هذه الأزمة».

ودعا البيان، الجميع إلى «الالتزام بالسلمية والحوار والبناءإلى أن يتم تصويب الاختلالات».

دعوة التحالف

وجاءت تلك التطورات غداة بيان للتحالف، دعا فيه المكونات السياسية والاجتماعية اليمنية إلى التهدئة وضبط النفس، والتمسك بلغة الحوار الهادئ.

وزار قائد قوات التحالف العربي العميد محمد الحساني وقائد القوات السعودية العميد سلطان بن فهد إسلام عدن، أمس الأول، والتقوا رئيس الحكومة اليمنية لبحث استكمال جهود تحرير المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين.