خبر جدير بالاهتمام الفائق ما أعلنته إدارة الفتوى والتشريع عن إحالة "وكيل" و2 من المستشارين يعملون فيها إلى النيابة العامة بتهمة "التزوير" في صحف الدعاوى؛ لقيامهم "بإضافة وإنقاص محتوى في الصحف"، ولا بد من توجيه الشكر لإدارة الفتوى على هذه الخطوة المستحقة لتنظيف جهازها الحيوي.سبق أن كتبت عن "حوكمة الفتوى والتشريع" مقالاً في نوفمبر الماضي ذكرت فيه أننا ما زلنا كمواطنين ومراقبين نجهل حقيقة عمل إدارة الفتوى والتشريع وطبيعة إنجازاتها، ومعدل نجاحها، ومقدار خسائرها، ونوعية قضاياها، وموقفها من خصومها، ومدى ثبات آرائها في القضايا المتشابهة إذا اختلفت الأطراف، وماذا حققت من مكاسب قانونية نوعية، وكم تكلفت خزينة الدولة من خسائر مالية بسببها، إنها معلومات فائقة الأهمية وجب على إدارة الفتوى مكاشفة المجتمع بشفافية والإعلان بشكل دوري عن أعمالها إسوة بكل الجهات الرسمية التي تصدر سنوياً إحصاءاتها ونتائجها وتقارير موسعة بأعمالها.
حادثة إحالة بعض أفراد الفتوى إلى النيابة العامة بتهمة تزوير صحف الدعاوى جاءت لتؤكد مطالبنا بضرورة الكشف الدقيق عن أعمال الفتوى الاستشارية والقضائية، وإتاحة الفرصة للسلطتين التنفيذية والتشريعية للمراقبة المفصلة لهذه الأعمال، ومعرفة مواطن الضعف والقوة فيها، وتطهيرها من أي اختراقات تقع، وتُلحق بشكل مؤكد أضراراً قانونية ومادية ومعنوية بالأطراف المختلفة، سواءً كانت جهات حكومية وأهلية أم أفراداً ومواطنين، ويوجد حالياً مقترح برلماني لدى مجلس الأمة بهذا الشأن نطالب الفتوى والتشريع بالاستعجال في تبنيه والموافقة عليه لتثبت، أنها فعلاً عازمة على الارتقاء بأدائها وفقاً لمبادئ الشفافية والنزاهة.لا بد أن يعي المسؤولون في الدولة كافة أياً كان موقعهم ومؤسساتهم التي يعملون فيها أن هذه المؤسسات وتلك المناصب وضعت لخدمة الشعب والدفاع عن مصالح الوطن، وحماية حقوقهما جميعاً، وأن الواجب على كل مسؤول وقيادي أن يبذل ما في وسعه لتحقيق هذه الأهداف العظيمة، حتى إذا ترك منصبه يستحق أن يقال عنه "أدى الأمانة وخرج نظيف اليد"، وأما إن فرّط في ذلك وخدم منصبه ودافع عن كرسيه، وتفنن في تحقيق مكاسبه الشخصية، فله يوم قريب سيندم عما اقترفت يداه من تفريطه بالأمانة وخيانة حق الشعب والوطن. والله الموفق.
مقالات
حوكمة الفتوى والتشريع (2)
30-01-2018