وسط مخاوف من اندلاع مواجهة شاملة بين القوات الحكومية اليمنية والوحدات العسكرية الموالية لـ»المجلس الجنوبي» الانفصالي، شهدت مدينة عدن لليوم الثاني على التوالي مواجهات متقطعة بين الطرفين غداة اشتباكات دامية أسفرت عن مقتل 15 وإصابة 130.

واستقدمت العناصر الانفصالية إمدادات عسكرية، في وقت بقيت الحكومة التي خسرت مقرها الرئيسي خلال اشتباكات أمس الأول لمصلحة قوات الانفصاليين على موقفها الهجومي تجاه هذه القوات، مجددة اتهامها بـ«الانقلاب على السلطة» المعترف بها دولياً، ومعتبرة أنها باتت «عناصر خارجة على القانون».

Ad

ودارت الاشتباكات قرب منطقة القصر الرئاسي حيث يقيم رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر وأعضاء حكومته. وأفادت أنباء بسقوط 9 قتلى جراء اشتباكات استخدمت فيها الدبابات في عدن أمس.

اتهامات وتقاسم

واتهمت مصادر موالية لـ«المجلس الانتقالي» الذي يقوده عيدروس الزبيدي، معسكر «بدر» الواقع بخور مسكر، بالتدخل أمس لمصلحة قوات الحماية الرئاسية الموالية للحكومة. وقالت المصادر، إن قائد المعسكر العميد عبدالله الصبيحي، مقرب من جماعة «الإخوان» ونائب رئيس الجمهورية علي محسن الأحمر، وأصدر أوامر باستهداف دباباته لمقر «اللواء أول مشاه» التابع للزبيدي بجبل الحديد.

واندلعت مواجهات، أمس الأول، بعد محاولة قوات حكومية منع عناصر موالية للمجلس الانفصالي من الاعتصام والتظاهر ضد بن دغر. وسرعان ما امتدت الاشتباكات بين القوات الحكومية وقوات «الحزام الأمني» التابعة للزبيدي، محافظ عدن السابق، إلى عدة مناطق في المدينة الساحلية، حيث تمكن مؤيدو الانفصال من السيطرة سريعاً على مقر الحكومة وعلى عدة أحياء حتى باتوا يتقاسمون السيطرة على المدينة مع القوات الحكومية.

وجاءت المواجهات الجديدة رغم تأكيد «المجلس الانتقالي الجنوبي» على تمسكه بالضغط على الرئيس عبدربه منصور هادي سلمياً لإسقاط حكومة بن دغر التي يتهمها بالفساد. وفشلت دعوة وجهها هادي لجميع القوات بالعودة إلى الثكنات والالتزام بوقف فوري لإطلاق النار.

طمأنة وتصعيد

ورغم تواصل الاشتباكات لليوم الثاني على التوالي، أكدت وزارة الداخلية اليمنية في الحكومة الشرعية استقرار الأوضاع في العاصمة المؤقتة وسيطرة القوات الأمنية والعسكرية بشكل كامل على مختلف المناطق وطالبت المواطنين بالعودة لممارسة أنشطتهم بشكل طبيعي بعد توقف المطار وإغلاق المدارس والمحلات التجارية نتيجة معارك أمس الأول.

وأكد مسؤول اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن الكسندر أن الاشتباكات في عدن تواصلت ليل الأحد ـ الاثنين، مشيراً إلى أن فريقاً من اللجنة «عاجز عن الخروج» من المدينة.

وفي مؤشر إلى تصعيد محتمل، ذكرت مصادر أمنية أن القوات الحكومية فشلت في وقف تقدم قوات موالية للانفصاليين تحركت من محافظتي أبين والضالع المتاخمتين لعدن، لافتة إلى أن القوات الحكومية اشتبكت مع تلك القوات في أبين لكنها عجزت عن وقفها.

مواجهة وحياد

وبدت الحكومة مصممة على المواجهة في اجتماع مصغر عقدته في مكان غير محدد في عدن مساء أمس الأول برئاسة بن دغر.

وقالت الحكومة في بيان عقب الاجتماع، إن «الأعمال التخريبية» في المدينة «تستهدف الشرعية» ممثلة بالرئيس هادي المقيم في الرياض، معتبرة أن قوات «الحزام الأمني» أصبحت «عناصر خارجة على النظام والقانون» و«المجلس الانتقالي الجنوبي» هو «مجلس انقلابي». وكان رئيس الوزراء اتهم الانفصاليين بقيادة «انقلاب في عدن»، داعياً دول التحالف إلى التدخل لـ«انقاذ الوضع في المدينة». وأصدرت قيادة قوات التحالف العربي التي بقيت ميدانياً على الحياد ولم تتدخل لصالح أي طرف، بياناً أمس، دعت فيه إلى «حوار المتحاربين لإنهاء الاقتتال».

رفض حزبي

في غضون ذلك، أعلنت أحزاب وقوى يمنية رفضها لأي «دعوات للانقلاب على الشرعية وتقويض مؤسسات الدولة أو الخروج على المرجعيات»، معتبرةً أن الأحداث التي شهدتها عدن، تصب في خدمة «انقلاب جماعة أنصار الله في صنعاء». وجاء ذلك في بيان، صادر عن حزب «المؤتمر الشعبي»، الجناح الموالي لهادي، وحزب «التجمع للإصلاح»، و»الحراك الجنوبي السلمي»، والتنظيم الوحدوي الناصري، وحزب «العدالة والبناء»، والرشاد اليمني، والتضامن الوطني واتحاد القوى الشعبية، إذ اعتبرت الأحزاب والقوى أن بيان «المجلس الجنوبي»، وما تضمنه من إعلان «حالة الطوارئ»، هو ما دفع بالأمور إلى التوتر وتفجير الوضع عسكرياً. وأكد البيان أن أحداث عدن، «تؤدي إلى إفشال جهود تحالف دعم الشرعية وخدمة المشروع الإيراني في المنطقة».