بعد سنوات نجحوا خلالها في فرض نفوذهم في شمال سورية بعيداً عن سلطة دمشق، يطالب الأكراد اليوم بتدخل قوات النظام في عفرين للتصدي للهجوم التركي المتواصل منذ أكثر من أسبوع، والذي يهدد وجودهم في منطقة حيوية من «روج آفا». في الوقت نفسه، يرفض الأكراد بقوة عودة المؤسسات الحكومية إلى المنطقة أو تسليم هذه المنطقة للجيش السوري، الأمر الذي تضعه دمشق شرطاً للتدخل.

ويوضح ألدار خليل، الرئيس المشترك للهيئة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي، المكون الرئيسي للإدارة الذاتية الكردية في شمال سورية، أن «الإدارة الذاتية عرضت على روسيا أن تطرح على النظام إمكانية أن ينتشر الحرس الحدود السوري على الحدود ليحمي منطقة عفرين».

Ad

ويشرح عهد الهندي، مستشار العلاقات الخارجية في مجلس سورية الديمقراطية، الذراع السياسية لقوات سورية الديمقراطية، أن الاقتراح يقضي «ببقاء قوات الدفاع والشرطة والأمن الكردي في المنطقة، مقابل السماح بدخول حرس حدود سوري يرفع الأعلام السورية على الحدود مع تركيا، إذا كان من شأن ذلك طمأنة الأتراك» الذين يخشون حكماً ذاتياً على حدودهم قد تنتشر عدواه إلى الأكراد في الجانب الآخر من الحدود. ولم تستجب دمشق حتى الآن لدعوة الإدارة الذاتية للتدخل.

ويقول مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في دمشق بسام أبوعبدالله، إن دمشق لن توافق على مجرد نشر قوات عند الحدود فـ»الدولة السورية تفرض سيادتها مع عودة المؤسسات السورية والسلطة الشرعية ودخول الجيش»، مضيفاً «يتحمل الأكراد مسؤولية ما ذهبوا إليه (...) الدولة السورية لا تعمل لديهم مستشاراً يطلبونه حين يحتاجونه». إلا أن الخبير في الشؤون الكردية موتلو جيفير أوغلو يرى في عدم تجاوب دمشق مع المطلب الكردي محاولة «لإضعاف المقاتلين الأكراد، ما يُمكن أن يجبرهم على الخضوع لمطالبها». ويرفض الأكراد اليوم عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل عام 2012، وهو ما أبلغوا به روسيا حين تلقوا عرضاً منها بدخول الجيش السوري لعفرين لتفادي الهجوم التركي. ويقول الهندي إن «تسليم عفرين للنظام السوري مستحيل وكذلك الأمر بالنسبة لتسليمها إلى الأتراك».

وتجنب الأكراد خلال سنوات النزاع الست الدخول في معارك مع قوات النظام باستثناء بعض المناوشات المحدودة. وشهدت سنوات النزاع تقلبات في العلاقات بين الأكراد والنظام وإن كانت اتسمت إجمالاً بتلاقي مصالح في مواجهة الفصائل المعارضة أحياناً وفي مواجهة تنظيم «داعش» خصوصاً. ولعفرين اليوم منفذ وحيد يربطها بمدينة حلب يمر عبر بلدتين يسيطر عليهما مسلحون موالون لقوات النظام. ويستخدم المقاتلون الأكراد هذا المنفذ للانضمام لزملائهم في عفرين.

ويوضح جيفير أوغلو «طالما أراد الأكراد علاقات جيدة مع النظام، إلا أنهم لا يريدون العودة إلى الوضع الذي كان مفروضاً عليهم قبل الحرب، حين كانوا محرومين من حقوقهم الأساسية». ويرى الأكراد، بحسب جيفير أوغلو، «في عودة النظام القديم السيناريو الأسوأ بالنسبة لهم».