بزراننا وبزران السويد

نشر في 30-01-2018
آخر تحديث 30-01-2018 | 00:20
 محمد الوشيحي بحسب استطلاع جرى، أخيراً، شمل أوروبا كلها، تبين أن 83 في المئة من السويديين مطمئنون على مستقبل أحفادهم. وبحسب استطلاع أجراه الكاتبجي محمد الوشيحي في ديوانيته بالمنقف قطعة 2، شمل أصدقاءه وبعض أقربائه، تبين أن 100 في المئة مطمئنون على أحفاد اللصوص، و100 في المئة منهم غير مطمئنين على مستقبلهم هم أنفسهم، دع عنك أحفادهم وبزرانهم.

طيب سيبك من الضحك، وتعال معي إلى الجد. هل تعرف ماذا يعني اطمئنان الناس على مستقبل أحفادهم؟ القصة ليست مقصورة على الأكل والشرب والعلف، القصة هنا أعمق مما نظن… اطمئنان أولئك الناس على مستقبل أحفادهم يعني بالضرورة اطمئنانهم على مستقبلهم هم أنفسهم، ويعني أيضاً ثقتهم بحكومتهم الحالية وحكوماتهم المستقبلية، ويعني أيضاً وأيضاً ثقتهم بالوعي المجتمعي بحيث سيختار المجتمع الأصلح لقيادته في المستقبل، ويعني ثقتهم بالتعليم، وثقتهم بالقضاء، وثقتهم بشجاعة الشعب وردة فعله العنيفة عند انتهاك حقوقه، أو بالأحرى عند تفكير أي مسؤول في انتهاك حقوق الناس، ويعني ثقتهم بنزاهة المسؤولين عن استثماراتهم، وثقتهم بالإعلام، وقدرتهم على التعبير عن آرائهم بحرية وبلا قيود، ويعني ثقتهم بديمقراطيتهم، ووو…

هذا الاطمئنان يعني أموراً "أكثر من الكثرة"، لا يمكن حصرها، لكن أبرزها، برأيي، هو أنه يدفع الناس إلى الابتكار والاختراع، لأن قلوبهم مطمئنة على أهليهم، وعقولهم مرتاحة من التفكير في تفاصيل الحياة المعيشية. إذ لا يمكن أن يتوقع عاقل اختراعاً من شخص يعيش في دولة قمعية بوليسية، يسيطر على شعبها الخوف من الشرطة والقضاء وكبار المسؤولين. لا يمكن أن ننتظر ابتكاراً يساهم في تطور البشرية من أناس لا يملكون حرية رأيهم، ويخشون الجوع والبرد، ويفتقدون المعلومة، وتحاربهم الدولة بأجهزتها.

ثم إن المرء، في الدول القامعة، ليس في حاجة إلى ابتكار واختراع وجهد وتعب، في ظل وجود طرق أخرى، أسهل وأجدى، إحداها؛ الاستعانة بالقبيلة أو الطائفة أو العائلة للحصول على منصب، وحمايته أثناء استغلاله المنصب، وبهذا يضمن مستقبله هو وأحفاده وأحفاد جيرانه من الدرجة الرابعة. فما الداعي لتعب التفكير والابتكار واحتمالية النجاح والفشل؟

back to top