عن العلاقة بين الشعب والحكومة
الحكومات في الدول الاستبدادية تستخدم أجهزة الدولة لمصلحتها، وتحتكر التصرف في الأموال العامة، وتعتبر قيامها بوظائفها الأساسية وتقديمها للخدمات العامة فضلا منها ومنّة، وعلى الشعب أن يشكرها عليها، فضلاً عن أنها تعتبر انتقاد سياسات الحكومة وقراراتها تهديدا لأمن الوطن،، مع أن الوطن ليس الحكومة، فالوطن ثابت والأصل أن الحكومات متغيرة.
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
الحكومات الديمقراطية (هناك متطلبات أولية وشروط لازمة للحكومات المنتخبة أشرنا إليها في مقالات سابقة)، مُتجدّدة باستمرار نتيجة للتداول السلمي للسُّلطتين التنفيذية والتشريعية وللتعددية السياسية، وعليه فإن السياسات العامة مُتجددة أيضاً، ومُتغيّرة، ومتطورة بحسب تطوّر الحاجات العامة والتطلعات الشعبية التي تُعبّر عن نفسها في صناديق الاقتراع. أما في الدول غير الديمقراطية فالحكومات دائمة لعقود طويلة، وإن تغيرت بعض الأسماء أحياناً، والسياسات العامة مُتخلّفة ومنفصلة عن الواقع لأن الحكومات التي تُمثّل مصالح القِلة ترسمها منفردة ومن دون مشاركة شعبية حتى في تقييم نتائجها. هذا ناهيك عن أن الحكومات في الدول الاستبدادية تستخدم أجهزة الدولة لمصلحتها، وتحتكر التصرف في الأموال العامة، وتعتبر قيامها بوظائفها الأساسية وتقديمها للخدمات العامة، مهما كانت متواضعة ورديئة، هو فضل منها ومنّة، وعلى الشعب أن يشكرها عليها، فضلاً عن أنها تعتبر انتقاد سياسات الحكومة وقراراتها هو تهديد لأمن الوطن مع أن الوطن ليس الحكومة، فالوطن ثابت والأصل أن الحكومات متغيرة، فهل يعني هذا أن الشعب يظل مستسلماً لما تفعله الحكومة؟ كلا بالطبع. فالصراع الاجتماعي مستمر لا يستطيع بطش الحكومة أن يوقفه، والغضب الشعبي يظل لفترة زمنية مكتوماً وغير مرئي، ولكنه غضب متراكم قد يصل، في لحظة زمنية معينة، إلى نقطة الانفجار، وهي نقلة نوعية قد يشعلها حدث صغير وغير متوقع مثلما حصل في تونس عندما أشعل "البوعزيزي" النار في نفسه نتيجة شعوره بالظلم والقهر ويأسه من الحياة.