مالت كفة السيطرة في اليوم الثالث من القتال الذي تشهده العاصمة اليمنية المؤقتة عدن بين قوات حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي وعناصر "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالية لمصلحة الأخيرة، بعد أن تمكنت من انتزاع عدة نقاط حيوية، وحاصرت رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر وأعضاء الحكومة في القصر الرئاسي بحي معاشيق.

وأكد مصدر عسكري حكومي، أن القوات الموالية لـ"المجلس الانتقالي" بقيادة المحافظ السابق عيدروس الزبيدي، "سيطرت على البوابة الرئيسية للقصر الجمهوري ومن بالداخل، هم بحكم الإقامة الجبرية".

Ad

وسيطرت القوات الموالية للمجلس، الذي تشكل العام الماضي لإحياء دولة جنوب اليمن المستقلة السابقة، على قاعدة "دار سعد" آخر معقل لقوات الحماية الرئاسية بشمال المدينة الساحلية أمس، بعد قتال شمل في بعض الأحيان نيران المدفعية الثقيلة والدبابات.

ونشر نشطاء صورا على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر علم "اليمن الجنوبي" يرفرف فوق بوابة القاعدة بعد فرار القوات الحكومية.

وفي وقت سابق بسط الانفصاليون سيطرتهم على مواقع لقوات الحماية الرئاسية في منطقتي كريتر والتواهي في وسط عدن، قرب مطار المدينة خلال تقدمهم باتجاه مقر الرئاسة.

فرار ونقل

في هذه الأثناء، تواردت أنباء عن فرار مسؤولين عبر البحر، في حين أشارت تقارير إلى نقل رئيس الحكومة وعدد من الوزراء من قصر معاشيق في كريتر إلى معسكر قيادة التحالف العربي في مديرية البريقة بعدن.

وأكدت مصادر لـ"قناة العربية"، أن الزبيدي رفض سحب قواته التي تمكنت من الوصول إلى معاشيق.

تبادل اتهامات

في غضون ذلك، تبادل الجانبان الاتهامات بشأن عدم الالتزام بدعوة التحالف العربي لهما بالتهدئة والجلوس على طاولة الحوار لحل الخلاف بينهما.

واتهم نائب رئيس "المجلس الانتقالي" هاني بن بريك الحكومة الشرعية بعدم الالتزام بما جاء في بيان التحالف الداعي للتهدئة.

كما اتهم القيادي السلفي بن بريك القوات الحكومية بالبدء بالاعتداء على "الشعب الأعزل" في إشارة إلى فض قوات حكومية لاعتصام مطالب بإسقاط حكومة بن دغر.

في المقابل، أكد قائد الحماية الرئاسية بعدن العقيد مهران القباطي، أن قواته التزمت بما جاء في بيان التحالف المطالب بوقف إطلاق النار "لكن الطرف الآخر لم يلتزم".

وأعلنت وزارة الداخلية اليمنية على الاثر إعطاء توجيهات إلى القوات الحكومية بتنفيذ "وقف فوري لإطلاق النار"، معربة عن أملها أن يتجاوب الطرف الآخر مع نداء التحالف.

ويقود الزبيدي الحركة الانفصالية في الجنوب، والتي ينتمي معظم مقاتليها إلى ما يعرف باسم قوة "الحزام الأمني" وهي فصيل مدعوم من "التحالف العربي" وخاصة من دولة الإمارات.

ولاحقاً، قال التحالف، في بيان نقلته وكالة «واس»، أمس، إنه «راقب خلال اليومين الماضيين بكل أسف، عدم استجابة جميع الأطراف لنداءات التهدئة الصادرة عنه بشأن الأحداث التي تجري بعدن، وما نتج عنها من إخلال بالأمن والاستقرار، وسقوط عدد من الضحايا المدنيين».

وأكد التحالف أنه «سيتخذ كل الإجراءات اللازمة لإعادة الأمن والاستقرار في عدن»، داعيا «جميع مكونات الشعب اليمني إلى حل كل القضايا عبر الآليات السياسية المتاحة، ووفق المرجعيات الثلاث».

تهدئة سعودية

في هذه الأثناء، دعت المملكة العربية السعودية جميع المكونات السياسية والاجتماعية اليمنية إلى التهدئة وضبط النفس والتمسك بلغة الحوار الهادئ إزاء ما يجري في عدن.

وأشار مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية، أمس، إلى ما جاء في بياني قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن بضرورة استشعار المسؤولية الوطنية في توجيه دفة العمل المشترك مع التحالف لاستكمال تحرير الأراضي اليمنية من الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

وحث التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن المتحاربين الذين كانوا حتى الأمس القريب يقاتلون في خندق واحد ضد الحوثيين، على التحاور لإنهاء القتال. وأقر بوجود بعض الخلل في الحكومة.

ويوجد جنود سعوديون واماراتيون في عدن، لكنهم لم يتدخلوا في المواجهات.

شلل وقتلى

واستمرت حالة الشلل مع انتشار الوحدات المسلحة في معظم شوارع عدن التي خلت من المارة والسيارات، بينما أبقت المؤسسات التجارية والتعليمية أبوابها مغلقة في أغلبية مناطق المدينة التي تتخذها الحكومة المعترف بها مقرا مؤقتا لها، منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء. وأوقعت المواجهات 40 قتيلا و185 جريحا في يومين.

وأعلنت الأمم المتحدة في بيان أمس الأول، أن مطار عدن وميناءها مغلقان "حتى إشعار آخر".

ضغط صيني

إلى ذلك، دعا نائب رئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن صالح إلى المزيد من ممارسة الضغط على الانقلابيين لتنفيذ القرارات الأممية والقبول بالحل السياسي.

وأشاد محسن، خلال لقائه السفير الصيني لدى اليمن تيان تشي بمناسبة انتهاء فترة عمله، بموقف جمهورية الصين المساند للشرعية، والداعم لقرارات مجلس الأمن الخاصة باليمن.

ضربة شبوانية

في سياق آخر، قتل 14 جنديا من قوات "النخبة الشبوانية" وأصيب آخرون في محافظة شبوة.

وقتل الجنود في هجوم انتحاري استهدف نقطة تفتيش تابعة للقوة التي تدعمها الامارات في شرق عتق، كبرى مدن شبوة. وتحظى قوات النخبة في شبوة، بمؤازرة قبلية وشعبية، بالنظر للدور الذي تقوم به في تثبيت الأمن والاستقرار في المحافظة بعد طرد عناصر تنظيم "القاعدة" والمتمردين الحوثيين منها. إلى ذلك، أعلنت جماعة "أنصار الله" الحوثية أنها أطلقت صاروخاً باليستياً بعيد المدى على العاصمة السعودية الرياض.

وقال مصدر في الجيش الموالي للجماعة المتمردة، إن وحدة الصواريخ أطلقت، صاروخاً باليستياً نوع بركان (H 2) على مطار الملك خالد الدولي في الرياض. وكانت "أنصار الله" أعلنت، في الـ19 ديسمبر الماضي، إطلاق صاروخ باليستي استهدف قصر اليمامة في الرياض.

وأكد المتحدث باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي، في وقت سابق، أن الجماعة اطلقت 83 صاروخا باليستيا استهدفت المملكة.