وسط الضوضاء السياسية والشعبية التي تشهدها الساحة اللبنانية منذ مساء الأحد الماضي، بسبب المواقف المسربة لرئيس «التيار الوطني الحر»، وزير الخارجية جبران باسيل، المسيئة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، دخل رئيس الجمهورية ميشال عون على خط الأزمة، معتبرا أن «ما حدث البارحة (أمس الأول الاثنين) على الصعيدين السياسي والأمني أساء إلى الجميع، وأدى الى تدني الخطاب السياسي الى ما لا يليق باللبنانيين». وأضاف في بيان أمس: «ما حصل على الأرض خطأ كبير بُني على خطأ، لذلك فإني من موقعي الدستوري والأبوي أسامح جميع الذين تعرضوا إليّ وإلى عائلتي». وختم: «أتطلع الى أن يتسامح الذين أساؤوا الى بعضهم البعض، لأن الوطن أكبر من الجميع، وهو أكبر خصوصاً من الخلافات السياسية التي لا يجوز أن تجنح الى الاعتبارات الشخصية، لاسيما أن التسامح يكون دائما بعد إساءة». وأكدت مصادر سياسية لـ «الجريدة»، أمس، أن بيان رئيس الجمهورية هو نتيجة المساعي الجدية التي بدأها حزب الله، الاثنين، في محاولة لحل الأزمة بين بري وباسيل»، مشيرة إلى أن «البيان تغلب عليه لغة التهدئة، ويسعى عون من خلال إلى إيجاد مخرج حكيم للأزمة الراهنة».وعقد تكتل «التغيير والإصلاح» اجتماعاً استثنائياً له في مركزية «التيار الوطني الحر» في سنتر ميرنا الشالوحي، أمس، برئاسة الوزير باسيل. وبعد الاجتماع، قال أمين سر التكتل النائب إبراهيم كنعان: «قرّر التكتل توجيه رسالة إلى اللبنانيين جميعاً، لاسيما الحريصين على بناء الدولة، ويدعوهم إلى عدم الخوف، لأنّنا مؤتمنون على الاستقرار، ولن نتراجع عن بناء الدولة».
وتابع: «نقول للحريصين على مسار استعادة الحقوق والشراكة إنّ هذا المسار لن يتوقف مهما كانت العراقيل، التي ستكون حافزاً أكبر للعمل على تحقيق ما ناضلنا من أجله»، مضيفا أن «التسريب الذي حصل لمضمون لقاء باسيل تمّ استدراكه من قبله من دون طلب من أحد بتعبيره بوقتها عن أسفه».وأشار إلى أنّ «الدولة تعطي الجميع حقوقهم بالأطر القانونية والديمقراطية والطريق الوحيد هو من خلال المؤسسات واحترام الأصول، ونحن نعاهد اللبنانيين بالاستمرار بمشروع الإنجازات، وأيّ إرادة لتعطيل هذه المسيرة لن يُكتب لها النجاح لأنّها ستواجه بتصميم منّا ومن اللبنانيين». وردّاً على طلب اعتذار باسيل لبري، قال كنعان إنّ «البيان واضح، ومبادرة الوزير باسيل الذاتية بالتأسّف وتسامحنا بعد موقف فخامة الرئيس، يعني بالنسبة لنا أنّ الملف انتهى. نحن نتجاوب مع مطلب الرئيس عون بالتسامح مع الاعتداء الذي حصل على مركز التيار، ونعتبر أنّ اللبنانيين متساوون بكراماتهم وحقوقهم وواجباتهم، ويجب احترام حرمة المواقع».
فريق بري
في موازاة ذلك، واصل أمس فريق بري التصويب على «التيار الوطني الحر»، مع أن بري أكد للصحافيين أنه «غير خائف على الانتخابات»، مشددا على أنه لن يسمح «بشيء يهدد الاستقرار ووحدة لبنان واللبنانيين»، إلا أن معاونه السياسي وزير المال علي حسن خليل لفت الى أن «ما يجري هو لتطيير الاستحقاق، إلا أننا نؤكد للجميع إصرارنا على إجرائه في موعده اليوم أكثر من أي وقت مضى»، في حين اعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي بزي أن «باسيل يريد تطيير الانتخابات النيابية، لأنه رأى أن حسابات الحقل لا تتطابق مع حسابات البيدر، وحتى اعتذاره لا يكفي».كما دعا عضو كتلة «التنمية والتحرير»، النائب أنور الخليل، أمس، الوزير باسيل إلى الاستقالة، قائلا: «استقل اليوم يا معالي الوزير، فالاعتذار لم يعد كافيا». ورأى الخليل أن «ما قام به باسيل جريمة يحاسب عليها قانون العقوبات الذي ينص على أن كل من يحرض او يقوم بعمل قد يثير النعرات الطائفية يحاكم».ورأى المستشار الإعلامي لبري علي حمدان أن «ما نشهده اليوم ليس حدثا سياسيا يحتمل السجال فيه»، مشبها ما حصل بالخطيئة، وقال: «من أخطأ يجب أن يتحمل نتيجة خطئه، وأن يدفع الثمن». واعتبر حمدان أن من لديه طيشا في التعابير عليه أن يغادر الشأن العام الذي هو مساحة للكلام الرصين ولمتابعة قضايا الناس وحاجاتهم. وأشار الى أن «الاعتذار هو الحد الأدنى المطلوب من الوزير جبران باسيل، لأن الاستقرار الوطني في البلد يتطلب أشخاصا يتحملون مسؤولية أفعالهم».جعجع
إلى ذلك، أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن «ما حصل (الاثنين) هو انتهاك صريح لمنطق الدولة ووجودها، وتعدٍّ مباشر على حقوق المواطنين الذين لا ذنب لهم في كلِّ ما جرى ويجري، وهذا ما لا نستطيع أن نقبل به». وأضاف في بيان أمس: «لا نستطيع أبداً التغاضي أو السكوت عما جرى البارحة في شوارع بيروت والمتن. إن تقديرنا للرئيس برِّي معروف، ومعروف جداً، ولكن هذا شيء، واللعب بالنظام العام والنيل من الاستقرار في لبنان والعبث بالأمن شيء آخر مختلف تماماً».وطالب جعجع «الأجهزة القضائية والأمنية بوضع يدها بمنطق عادل وسليم، منطق دولة فعلي على حوادث البارحة، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لكي لا يتكرر انتهاك الأمن والاستقرار ووجود الدولة في لبنان عند كل حدث أو أزمة سياسية».