الموهبة تصنع الفارق في حياة أي إنسان، لاسيما إذا كان يتمتع بالتحدي والرغبة في تخطي الصعاب وإثبات حضوره، ثم تأتي مرحلة صقل الموهبة بالاطلاع والمعرفة والممارسة، تلك التوليفة هي النبراس الذي يضيء درب كل باحث عن التميز.

المايسترو فيصل التميمي ممن آمنوا بموهبتهم، وأثبتوا وجودهم، ولا أبلغ على ذلك من الحفل الذي تصدى له في دار الآثار الإسلامية، ضمن فعاليات الموسم الثقافي، حيث قدم بمعية فرقته الموسيقية أمسية مميزة كان بطلها الناي، الذي تصدَّر المشهد في بادرة هي الأولى من نوعها على مستوى الكويت والخليج، أن يقدم عزف على الغناء باستخدام الناي، ليتبوأ مقعد المطرب، وتحل أنغامه بديلا عن الصوت.

Ad

أمسية «ناي» للمايسترو فيصل التميمي، قدَّم خلالها 7 أغنيات متنوعة، بمعية فرقته الموسيقية المكونة من 8 عازفين، على التشيلو والكمان والقانون، فضلا عن الإيقاعات، وتحت قيادة المايسترو خالد نوري، فيما تصدَّر التميمي المشهد، ممسكا بالناي، ليتولى دفة الأمسية، فيعزف بالناي غناءً للمرة الأولى خليجيا، لم لا، وهو الذي يرتبط بعلاقة وطيدة مع رواد هذا الفن، مثل: العازف محمود الحفني ورضا بدير، ولما له من حضور مميز في دار الأوبرا المصرية؟

بدأت الأمسية بكلمة للتميمي، كشف خلالها عن الاستعدادات المسبقة للحفل: «منذ عامين طرح عليَّ صباح الريس فكرة تقديم أمسية (ناي)، لاسيما أنه على علم بمشاركاتي مع الأوركسترا، وتناقشنا حول الأمر كثيرا، حتى اختمرت الفكرة برأسي، واليوم بصدد ترجمتها على أرض الواقع، وأتمنى أن تنال الأمسية رضاكم».

بعد ذلك، شرع التميمي في برنامجه، الذي صاغه بذكاء، حيث اختار مجموعة من الأعمال المميزة ما بين التراث وفن الصوت الكويتي، وغيرهما.

وأمام جمهور كبير حضر خصيصا للتمتع بعذوبة اللحن والتمكن من الأداء، استهل فيصل الحفل بفن الصوت عندما عزف غناء «همت شوقا»، فتسري أنغام الناي مدعوما بمختلف الآلات بين الحضور، ومنها إلى أغنية «ست الحبايب» للمطربة الكبيرة فايزة أحمد، من كلمات الشاعر الراحل حسين السيد، وتلحين «موسيقار الأجيال» محمد عبدالوهاب، وأذيعت لأول مرة في الإذاعة المصرية في 21 مارس 1958، واستدعاها التميمي في مركز اليرموك، ليعزفها بإتقان، لترتسم كلماتها في الأذهان.

بينما كانت أغنية «ذقت الهوى» الاختيار الثالث للفنانة نجاح سلام، ومن ألحان الفنان أبوبكر سالم. من ثم انتقل التميمي وفرقته إلى أغنية «مثل النهر» للفنان محمد المسباح، والتي قدمها أواخر الثمانينيات، من كلمات أحمد الشرقاوي، وألحان يوسف المهنا. وعلى وقع تفاعل الجمهور، يمضي التميمي في برنامجه، ويُطلق العنان للناي، ليقدم «عيني لغيري» من التراث.

وفي خضم تفاعل الجمهور، يعزف التميمي «عذروب خلي»، كلمات جاسم شهاب، وألحان عوض الدوخي. ومن مقام حجاز النوي يقدم «يا منيتي»، ويختتم بواحدة من روائع عوض الدوخي (صوت السهارى).

وقال التميمي لـ»الجريدة»: «بدأت رحلتي مع الموسيقى عام 1975 كهاوٍ، بعد أن أسرني الناي، فأدرت ظهري للطب البيطري، الذي درسته، ومضيت قدماً في هذا الدرب، توقفت لفترة، من ثم عدت مجددا، ورغم البعد والقرب يبقى للناي سحره الخاص».