غريب في وطني
للأسف يحس المواطن الكويتي في وطنه بأنه غريب، والدليل أنه يُمنع من السفر على فاتورة شركة اتصالات أو غرامة بعشرين ديناراً، مع أن لدينا 154 ألف مخالف للإقامة، فأين الدولة من تجارة الإقامات؟ والوطن في حاجة ماسة لرجال دولة في السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأذكر في مجلس 1963 سأل وزير أحد النواب: أنت معنا أم ضدنا؟ فقال له النائب: إذا جلست أمثّل نفسي، لكنني إذا وقفت في القاعة فإنني أمثل الأُمة. فلا يبني نائب أو وزير يعمل (بالريموت كنترول) وطنا، وبسبب هذه النوعية أصبح المواطن يعيش في وضع تَغْلبُ فيه الطبقية والعنصرية، ومن المواطنين من يقول "مواطن من الدائرة الثانية يعادل ثلاثة مواطنين في الدائرتين الرابعة والخامسة حسب عدد الناخبين في تلك الدوائر". ومن أسباب سقوط الاتحاد السوفياتي وزير الخدمة المدنية الذي اشترته المخابرات الأميركية، والذي بعد سنوات سأله ضابط المخابرات الروسي الذي كان يراقبه "أنا كنت مسؤولاً عن مراقبتك لم أجد لك علاقة مع المخابرات الأميركية، ولا تواصلاً، ولا مراسلة، فماذا عملت لها؟ قال: كنت أعيّن كل خريج في غير تخصصه وفي غير مجاله، وأشجع على ترقية الأغبياء إلى الأعلى، مع دعاية إعلامية لهم، وأحول دون صعود الكفاءات باختراع نقص الشروط، فأصيب الاتحاد السوفياتي بالإفلاس الفكري وسقط! عندما يوكل الأمر إلى غير أهله يكون الانهيار وشيكاً وحتميّاً". ونحن لسنا الاتحاد السوفياتي بل دولة صغيرة تعيش في محيط ملتهب.
وفي هذا المقام تحضرني قصيدة لي طويلة: في بلادي وأحس إني مغترب في بلادي كل شي مو غريبفي بلادي كل شيٍّ منقلب في بلادي يحترق شخصٍ لبيبأطرح السؤال ويقالي صعب وأرجع السؤال ما من لي مجيباستوت للنذل نصاب العربوأصبح المحروم يكرر بالنحيبفالوطن بحاجة ماسة لمصالحة وطنية لا تستثني أحداً للإصلاح الشامل، مصالحة سياسية واجتماعية يتم بعدها إلغاء القوانين المسببة لتلك المشاكل مع إلغاء نظرية (الحلول الصفرية) التي لم تستفد منها الدول العربية منذُ ستين عاماً، فالسياسة الخارجية تعتمد على فن الممكن، والسياسة الداخلية تعتمد على العدل والمساواة، والحكومة العتيدة تبنت الحلول الصفرية الخاطئة واختارت التحالف مع التجار ضد بقية المواطنين، والدليل ما ذكرته في مقالي حول عدد مخالفي قانون الإقامة. قال الحسن البصري، رحمه الله: "إخواننا أحب إلينا من أهلينا لأن إخواننا يذكروننا بالآخرة وأهلونا يذكروننا بالدنيا".