يواجه احتكار بريطانيا المستمر منذ 5 عقود لصناعة أجنحة طائرات إيرباص النفاثة تهديدا من جانب دول منافسة، تستغل تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من أجل الحصول على حصة من هذا الإنتاج عالي القيمة والجودة.وخاطبت 7 حكومات على الأقل شركة إيرباص سعيا وراء حصة لها من الإنتاج المستقبلي من أجنحة الطائرات، بعد أن أثارت الشركة مخاوف تتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتأثير ذلك على وحدتها العاملة في المملكة المتحدة، واحتمالات تآكل دورها الريادي، بحسب مصادر مطلعة على هذه المسألة.
وبينما تقوم "إيرباص" بتقييم خططها المتعلقة بإنتاجها التالي من طائرات ايه 320 ذات البدن الضيق، تلقت اتصالات من جانب دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل فرنسا وألمانيا واسبانيا، اضافة الى الولايات المتحدة والصين، حيث يوجد لها خطوط تجميع، وحتى من المكسيك وكوريا الجنوبية، وفقا لما أوردته مصادر طلبت عدم الكشف عنها، لأن الاتصالات ليست علنية.وألمح تنفيذيون في شركة إيرباص منذ أشهر الى عدم التأكد من تأثير هذه الأزمة الخانقة على جودة تصميم أو صنع الأجنحة منذ انطلاق الشركة الصانعة للطائرات في سنة 1970، وأسهمت عملية البريكست في تعقيد الأمور بقدر أكبر، من خلال التهديد بإضافة تكلفة وتعقيدات، في الوقت الذي زادت دول في شتى أنحاء العالم الضغوط على الشركة بغية نيل حصة أكبر من الانتاج.وأبلغ اندرز اجتماعا لتنفيذيي الصناعات الفضائية والدفاعية البريطانيين في 15 يناير الماضي ان "التزامنا الأول ليس حكرا على دولة معينة، بل نسعى إلى تعزيز التنافسية العالمية لشركتنا وصناعتها".
جهود تيريزا ماي
وبينما سعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الى ضمان اتفاق يحافظ على علاقاتها القوية مع الاتحاد الأوروبي بعد خروج بلادها من التكتل في العام المقبل، فقد أعاقت المعارك السياسية الداخلية التقدم في تلك المفاوضات، كما دفعت الشكوك الشركات من البنوك إلى صناع السيارات الى إعادة تقييم خطط الاستثمار في المملكة المتحدة.ومع تقدم المفاوضات المتعلقة بالبريكست، قالت إدارة الأعمال في بيان إن المملكة المتحدة "ستستمر في العمل عن كثب مع الشركات الفضائية بغية ضمان قدرتها على الاستفادة من البيئة التجارية الخالية من الاحتكاك".وتقدم الحكومة البريطانية دعما ماليا لتطوير أجنحة ايرباص والمملكة المتحدة، موطن 15 ألفا من عمال الشركة أو أكثر من 10 في المئة من اجمالي موظفيها. وتقول "إيرباص" إن معملها لإنتاج الأجنحة في مدينة بروتون بويلز، مركز الطيران العالمي منذ أن صنعت قاذفات القنابل في الحرب العالمية الثانية، هو واحد من معاملها الأكثر انتاجية، ويقتصر عمل موقعها الثاني في فيلتون بجنوب غرب انكلترا بشكل رئيسي على تصميم الأجنحة.وقال المشرع مارك تامي من حزب العمال المعارض، الذي يمثل منطقة وجود المصنع، "أنا متأكد من أن الألمان يريدون المزيد من عمل الأجنحة، وكذا الحال بالنسبة الى الفرنسيين والاسبان. وهذه رسالة نريد من حكومة المملكة المتحدة أن تفهمها".الموديل الجديد
وتعتبر الأجنحة الجزء الأكثر تعقيدا في الطائرة، وهذا هو السبب الذي دفع المملكة المتحدة الى حماية خبرتها في ذلك الحقل بصورة وثيقة، ما أثار غيرة المواقع الاخرى في شركة إيرباص. وكانت الحكومة الألمانية، على وجه الخصوص، اشتكت في الماضي من أنها لم تحصل على حصتها العادلة في العمل في برامج رئيسية مثل إيه 350، وعززت شكواها من خلال أمثلة لقيام جهات تمويلية بحجب قروض عنها.وبينما ستكون عملية نقل العمل الحالي بعيدا عن بروتون مكلفة قد تتوفر لشركة ايرباص الفرصة لاختيار وجهة جديدة لتجميع الأجنحة لبرنامج آخر، كما أن الخطط المتعلقة بالجيل التالي من موديلاتها من ايه 320 تتطلب أجنحة مركبة بالكامل تهدف الى المساعدة على خفض استهلاك الوقود بنسبة 30 في المئة، بحسب أحد المصادر.وتقوم المملكة المتحدة بصنع أجنحة مركبة لموديلات ايه 350، وهي أحدث موديلات الشركة من الطائرات العريضة البدن مستخدمة مكونات مصنوعة في اسبانيا، ويمكن أن توفر لذلك البلد تقدما في الفوز بعقود إنتاج في برنامج ايه 320 أو موديلات اخرى قيد التطوير. وكانت فرنسا وألمانيا، حيث تقوم الشركة بتجميع معظم طائراتها، ضغطتا منذ زمن بعيد على "إيرباص" للحصول على حصة أكبر من اجمالي الانتاج. وكانت بينت، وهي رئيسة قسم "إيرباص" في المملكة المتحدة، أشارت الى مخاوف من أن الصين، التي شكلت ربع تسليمات ايرباص من الطائرات في العام الماضي، بدأت "تطرق الباب" طلباً لمزيد من العمل.الإنتاج في الصين
وتقوم "إيرباص" بزيادة انتاجها في مصنعها في تيانجين بالصين، حيث تعمل في الأجنحة وتجميع نحو 4 طائرات ضيقة البدن شهريا، وقامت شركة صناعات كوريا ايروسبيس بصنع ألواح أجنحة لطائرات ايه 320، كما أن مصنع ذلك الطراز في موبيل بولاية ألاباما افتتح قبل عامين بتكلفة 600 مليون دولار يمكن أن يستفيد من معمل أميركي أو مكسيكي لصنع الأجنحة.وكان اندرز قال إن المملكة المتحدة ستظل "مهمة جدا" بالنسبة الى ايرباص بعد البريكست، والشركة ستود أن تدعوها الدولة الوطن، مضيفا أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيجهد سلاسل الامداد ويقلص فعالية عملياتها.واضاف اندرز، في اجتماع للصناعات الفضائية، "يوجد الكثير من التحديات، ونحن كصناعة لا نستطيع السير على حافة جرف بصورة دائمة. وأخشى القول ان البريكست لن يعزز بل سيضعف صناعة بريطانيا وصناعتها الفضائية أيضا".