بعد ساعات من موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نشر مذكرة للجمهوريين في "الكونغرس" تتهم مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) بالانحياز في تحقيقاته بشأن احتمال حدوث تواطؤ بين روسيا وحملة ترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2016، دعا مدير "FBI"، كريس راي، موظفيه إلى عدم الاكتراث بهجوم ترامب والجمهوريين، على استقلالية الوكالة وتعهد الدفاع عنها.

وقال راي، في رسالة داخلية لموظفي الـ "إف بي آي"، البالغ عددهم 35 ألف شخص: "الكلام رخيص، العمل الذي قمتم به هو ما سيصمد".

Ad

لكن لم تتضمن رسالة راي أي إشارة مباشرة إلى المذكرة أو إلى تعليقات ترامب، كما لم تلمح إلى نيته الاستقالة.

وأضاف: "عانيتم جميعا في الأشهر التسعة الماضية، وأعلم أن أقل ما يقال إن الوضع غالباً ما كان مقلقاً. والأيام القليلة الماضية لم تسهم في تهدئة تلك المياه". وتابع: "دعوني أكون واضحا: إني ملتزم بالكامل بمهمتنا، أنا معكم".

وأشاد راي بالنزاهة العالية للوكالة وأخلاقيات العمل والاحترافية التي "لا تضاهى في أي مكان في العالم". وكتب "نتكلم بعملنا. كل قضية على حدة، وكل عمل استخباراتي على حدة، وكل قرار على حدة".

وتابع: "نواصل تركيزنا على القيام بعمل رائع حتى وإن لم يكن سهلا، لأننا نؤمن بالـ FBI".

تجاهل ومخاوف

ولم تتضمن رسالة راي أي إشارة مباشرة إلى مذكرة "الكونغرس" أو إلى تعليقات ترامب، كما لم تلمح إلى نيته الاستقالة.

وأثار رفع السرية عن المذكرة القلق من احتمال إجبار راي على الاستقالة من الوكالة بعد 6 أشهر فقط على تعيينه من قبل ترامب، الذي كان أقال سلفه جيمس كومي في مايو الماضي.

وكتب ترامب في "تغريدة" قبيل نشر المذكرة "إن القيادة العليا والمحققين في الـ FBI ووزارة العدل قاموا بتسييس عملية التحقيق المقدسة لمصلحة الديمقراطيين وضد الجمهوريين. وهو ما كان لا يمكن التفكير به قبل مدة قصيرة".

تحذير ديمقراطي

في هذه الأثناء، حذر أعضاء بارزون في الحزب الديمقراطي الرئيس الأميركي، مطالبين إياه بعدم استخدام المذكرة المثيرة للجدل "ذريعة" لإقالة المستشار الخاص بالتحقيق في ملف تدخل روسيا في انتخابات 2016، روبرت مولر.

وحذروا من أن اتخاذ مثل هذا الإجراء قد يؤدي إلى أزمة دستورية لم تشهدها الولايات المتحدة منذ عهد الرئيس ريتشارد نيكسون.

وقالوا إن الهدف من المذكرة "إعاقة التحقيقات مع أفراد حملة ترامب الانتخابية"، وحذروا الرئيس من أزمة دستورية إذا اتخذ قرارا بإقالة رئيس التحقيق.

وأضاف الديمقراطيون، في بيان وقعه زعيم الأقلية في "مجلس الشيوخ" تشاك شومر، ونانسي بيلوسي زعيمة الأقلية في "مجلس النواب"، وثمانية مسؤولين بارزين آخرين في الحزب الديمقراطي: "نكتب لإبلاغكم بأننا نرى في هذا الإجراء غير المبرر محاولة لعرقلة العدالة في التحقيق بشأن تدخل روسيا في الانتخابات".

ويرى الديمقراطيون أن المذكرة، التي صدرت أمس الأول، تمثل "محاولة مخزية للتشكيك في جهود إف بي آي".

وأضافوا أن مثل هذا الإجراء قد يؤدي إلى أزمة دستورية لم تشهدها الولايات المتحدة منذ السبعينيات، عندما أصدر الرئيس نيكسون بإقالة مسؤولي وزارة العدل المشاركين في فضيحة ووترغيت.

وفي وقت لاحق قال البيت الأبيض إنه لن تجرى "أي تغييرات" في وزارة العدل، وأنه من المتوقع أن يبقى روزنشتاين في منصبه.

مداهمات ونفوذ

إلى ذلك، دهمت شرطة الهجرة الأميركية 77 متجرا ومكتبا في شمال كاليفورنيا خلال الأيام الأخيرة بحثا عن موظفين يُحتمل بأن أوضاعهم غير قانونية.

وعمليات التفتيش الجديدة، ولاسيما في سان فرانسيسكو وسكرامنتو وسان خوسيه، تشير إلى تسريع الإجراءات التي تتخذها الشرطة في ولاية كاليفورنيا التي رفضت التعاون مع إدارة ترامب لمساعدة شرطة الهجرة على اعتقال المهاجرين الذين لا يحملون الوثائق اللازمة.

وأعلنت كاليفورنيا نفسها مدينة "ملاذاً"، وهي تشارك خصوصا في تمويل جمعيات حماية المهاجرين، كما أعلنت نحو 400 مدينة نفسها كذلك في مختلف انحاء البلاد من بينها نيويورك وشيكاغو وسان فرانسيسكو وأوكلاند.

وتهدد إدارة ترامب بقطع التمويل الفدرالي عن هذه المدن، وهناك صراع نفوذ بين الجانبين أمام القضاء.

في سياق منفصل، اتهمت الصين الولايات المتحدة بعدم احترام دول أميركا اللاتينية، بعد أن حذر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون دول المنطقة من الاعتماد المفرط على العلاقات الاقتصادية مع إيران.

وقال تيلرسون في كلمة ألقاها قبل القيام بجولة تشمل المكسيك والأرجنتين وبيرو وكولومبيا وجاميكا إن الصين بدأ يكون لها وجود في أميركا اللاتينية باستخدام الدبلوماسية الاقتصادية لجذب المنطقة إلى فلكها.

من جانب آخر، أعرب وزير الخارجية الأميركي ونظيره المكسيكي لويس فيديغاراي في مكسيكو عزمهما على تعزيز التعاون بين بلديهما في مجال مكافحة تهريب المخدرات.

وفي اليوم الثاني من جولة في أميركا اللاتينية تستمر اسبوعا، شدد تيلرسون على أهمية التصدي لأزمة المخدرات "التي تسبب آثارا فظيعة على المواطنين الأميركيين والمكسيكيين والكنديين".

وقال وزير الخارجية المكسيكي خلال مؤتمر صحافي إنهما اتفقا على "بذل جهود خاصة" للتصدي لتهريب المخدرات عبر الحدود المشتركة.

استقبال منشقين

في سياق منفصل، استقبل الرئيس الأميركي منشقين كوريين شماليين في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، في لقاء ينطوي على دلالات كبيرة في مرحلة من التوتر الشديد بين الولايات المتحدة ونظام بيونغ يانغ.

وبين المنشقين الثمانية جي سيونغ-هو الذي فر من كوريا الشمالية في 2006، وكان ضمن ضيوف الشرف لدى ترامب خلال إلقائه خطابه عن حال الاتحاد في "الكونغرس" الثلاثاء الماضي.

واستمع ترامب إلى شهادات هؤلاء الرجال والنساء الذين جلسوا حوله، معتبرا أنها "لا تصدق وتشكل مصدر إلهام فعلي".