القطاع العقاري مساهم ضئيل في الميزانية العامة

أكثر من 1.2 مليار دينار «عقارية» ضائعة على الإيرادات منذ 7 سنوات!

نشر في 05-02-2018
آخر تحديث 05-02-2018 | 00:02
No Image Caption
تعمل كل دول العالم على حماية قطاع السكن الخاص من دخول التجار والمستثمرين إليه، إذ يرتبط هذا العقار بشكل مباشر بالمواطنين ويؤثر على أسلوب حياتهم وإيراداتهم.
أعلنت وزارة المالية الأسبوع الماضي الميزانية العامة للدولة للسنة المالية "2018 - 2019" وتضمنت إيرادات بلغت قيمتها 15 مليار دينار منها 1.77 مليار إيرادات غير نفطية، مقابل مصروفات بلغت 20 ملياراً، وبلغ العجز المقدر بعد استقطاع نسبة احتياطي الأجيال القادمة 6.5 مليارات دينار.

وتوجهت الحكومة خلال الأعوام الثلاثة الماضية إلى رفع الدعوم عن العديد من الخدمات والمنتجات والمحروقات وإعداد الدراسات لفرض الضرائب، بموجب وثيقة الإصلاح الاقتصادي، بهدف تقليل المصروفات، ومواجهة عجز الموازنة بعد انخفاض أسعار النفط، إذ أصبحت الإيرادات النفطية التي تعتمد الدولة عليها بنسبة 90 في المئة تقريباً لا تغطي بنود المصروفات في الميزانية العامة.

وفعلاً رفعت الحكومة الدعم عن المحروقات، مثل الديزل والبنزين، وأعلنت وزارة المالية أنها وفرت ما قيمته 100 مليون دينار من رفع الدعم عن البنزين، منذ سبتمبر 2016، وحتى أبريل 2017، وأيضاً رفعت تعرفتي الكهرباء والماء على القطاعات العقارية باستثناء القطاع السكني، إضافة إلى رفع الرسوم في بعض الوزارات وعلى بعض الخدمات المقدمة من قبل الدولة، وغيرها الكثير من الإصلاحات الاقتصادية.

وعلى الرغم من سعي الحكومة إلى خلق إيرادات بديلة وإضافية وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر أساسي لإيرادات الدولة، لكن الدراسات والخطط التي أعدتها الدولة خلال السنوات الماضية لم تتطرق إلى القطاع العقاري.

"الجريدة" تستعرض في تقريرها أبرز الضرائب المفروضة في بلدان العالم على القطاع العقاري، والغاية من تلك الضرائب، وكيفية جعل القطاع مساهماً رئيسياً في الموازنة العامة.

في البداية، يعتقد البعض أن فرض الضرائب على القطاع العقاري، فيه ضرر على بيئة الاستثمار وعلى سكن المواطنين، وهذا الاعتقاد، غير صحيح، بل إن فرض الضرائب يفيد في مسألة الحد والقضاء على المضاربات وإثبات جدية في الاستثمار العقاري.

رسوم التسجيل

تفرض معظم بلدان العالم رسوماً على المبيعات العقارية، وتساهم هذه الرسوم في الحد بشكل كبير من المضاربات العقارية، إذ إن للمضاربات تأثيرات كبير على السوق وبيئة الاستثمار، وتصل تلك الرسوم في بعض البلدان الأوروبية الى 10 في المئة.

وتعتبر رسوم التسجيل العقاري والضرائب على المبيعات العقارية في الكويت الأقل خليجياً، إذ تبلغ نسبتها 0.5 في المئة، ومقارنة مع دول الخليج العربية، نجد أنها تبلغ في كل من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان 3 في المئة، وفي إمارة دبي 4 في المئة، وأما المتهربون من الدفع فيتم احتساب 8 في المئة، في حين تبلغ في قطر 2.5 في المئة، والبحرين 2 في المئة.

أما على مستوى الدول العربية، فإن الرسوم على المبيعات العقارية تبلغ في المملكة الأردنية الهاشمية 5 في المئة، وفي لبنان 6 في المئة، كما تقوم بعض الدول الأوروبية بزيادة وبنسب بسيطة سنوياً.

ولو فرضت الكويت رسوماً على المبيعات العقارية، التي تمت منذ عام 2010 حتى نهاية عام 2017، نسبتها 5 في المئة مثلاً، لحصّلت الميزانية العامة للدولة ما قيمته 1.2 مليار دينار، إذ بلغ إجمالي المبيعات العقارية خلال الفترة المذكورة 24.06 مليار دينار.

«عقود الإيجار»

يستند المقيم العقاري في تقييمه لعقار ما على عدة عوامل، أبرزها حالة العقار وسنة إنشائه، وإيراداته الإيجارية، ويصعب تحديد القيمة الإيجارية في الكويت بسبب عدم وجود عقود إيجارية إلكترونية، إذ يمكن لمالك العقار التلاعب في العقود مقابل الاتفاق مع المستأجرين.

وشرعت العديد من الدول في تطبيق عقود الإيجار الموحدة الإلكترونية ، وهذا الإجراء جاء ضمن الخطوات للحد من التصرفات والإجراءات الشخصية التي تلحق الضرر بالسوق، كما تفرض الدول رسوماً جراء إصدار عقد الإيجار، من المؤجر والمستأجر.

ويمكن من خلال العقد الإلكتروني أو الموحد للحكومة أن تتعرف على الإيرادات الإيجارية، ويمكن من خلالها فرض الضرائب، إذ إن توحيد العقود سينهي العديد من المشاكل التي تواجه الملاك والمستأجرين،

فيتم سنوياً إبرام عدد كبير جداً من العقود الايجارية في مختلف القطاعات العقارية، ويمكن للحكومة أن تعمل على تنظيمها وفرض رسوم وإن كانت رمزية، فهي تعتبر إيراداً للدولة.

مخالفو البناء

تعتبر العقارات المخالفة ظاهرة عالمية، وتعاني منها العديد من الدول ، كما تسعى إلى محاربتها، بسبب التأثيرات السلبية على الخدمات المقدمة من الدولة، وعلى العقار نفسه، كما تعتبر سبباً رئيسياً للازدحامات المرورية واكتظاظ السكان في منطقة معينة.

الكثير من الدول وضعت الحلول وتوجهت إلى عمل تسويات مع المخالفين، في حال كانت المخالفة غير جسيمة ولا تأثير لها، كالذي يستغل مساحة إضافية لعمل مخزن مثلاً، عن طريق دفع غرامة سنوياً أو أن يقوم بشرائها.

أما المخالفة الجسيمة كتشييد الأدوار الإضافية، فإن الحكومات تفرض غرامات تصل قيمتها إلى مبالغ كبيرة، ومن ثم إجبار المخالف على إزالة الاجزاء المخالفة، وبتلك الطريقة يكون هناك مردود مادي للدولة مع إنهاء أزمة العقارات المخالفة.

السكن الخاص

تعمل كل دول العالم على حماية قطاع السكن الخاص من دخول التجار والمستثمرين إليه، إذ يرتبط هذا العقار بشكل مباشر بالمواطنين ويؤثر على أسلوب حياتهم وإيراداتهم.

في الكويت أصبح توجه العديد من المستثمرين إلى القطاع السكني، وخصوصاً بعد الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي الاستثمارية، خلال السنوات الماضية، إضافة إلى استثناء العقار السكني من رفع تعرفتي الكهرباء والماء، مما جعله أكثر جاذبية من العقارات الأخرى.

فمنع المستثمرين ليس بالأمر السهل، لكن تلجأ الحكومات إلى فرض ضرائب على مالكي العقار، وعلى دخل العقار السكن الخاص، ويتحقق ذلك من خلال العقد الإلكتروني الموحد، وتساهم تلك الرسوم في الحد من ارتفاع أسعار العقارات السكنية، وأيضاً المشكلة الإسكانية.

كما يمكن للدولة إصدار مجموعة من القوانين والتشريعات الضريبية للحد من الاستحواذ على الأراضي وعدم احتكارها، إذ تفرض كافة دول العام رسوماً على الأراضي البيضاء، وغير المستغلة من قبل الملاك سواء الأفراد أو الشركات.

أملاك الدولة

أقر مجلس الوزراء خلال الربع الأول من عام 2016 زيادة إيجارات وبدل استغلال أملاك الدولة العقارية الخاصة، ترجمة لمضامين وثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي، إذ إنه في السابق كان يتم استغلال أملاك الدولة العقارية بأسعار رمزية.

لكن تحتاج منظومة املاك الدولة في بداية الأمر إلى إعادة هيكلة ومراجعة شاملة من كل الجوانب، بحيث يكون هناك مستفيد واحد، لكي لا يتأثر المستهلك في النهاية، والمعنى أن هناك أكثر من مستفيد إذ يقوم الأول بترسية العقار على مستفيد آخر ويقوم الأخير بترسيته على مستفيد ثالث وهكذا، بالتالي أي زيادة حكومية على الإيجارات سيتأثر المستهلك.

إصلاحات ضريبية

من جانبهم، أكد عدد من العقاريين أن الكويت في مصاف الدول المتأخرة جداً في موضوع تنظيم القطاع العقاري، وفرض الضرائب، إذ شرعت دول الخليج خلال السنوات الماضية في إصلاحات عديدة تخص القطاع العقاري، وأصبحت الرسوم والضرائب من أهم بنود الميزانية في الوقت الحالي.

وكانت سلطنة عمان سباقة في هذا المجال، إذ أسرعت إلى إصدار قوانين ضريبية على مالكي الأراضي البيضاء الخاصة بالأجانب، وأصدرت قراراً نصّ على أنه في حال عدم استغلال الأرض خلال أربع سنوات من تاريخ شرائها، فسيكون للدولة الحق التصرف في الأرض مع تعويض المالك، وكان لذلك القرار صدى إيجابياً إذ سيساهم في تحديد طبيعة الاستثمار العقاري في السلطنة و تعزير التوجه للتطوير العقاري عوضاً عن المضاربة.

كما فرضت المملكة العربية السعودية رسوماً أيضاً على الأراضي البيضاء، بنسبة 2.5 في المئة، هذا علاوة على ضريبة القيمة المضافة التي تم إقرارها أخيراً، إذ أصبحت هناك إيرادات جديدة تدخل إلى ميزانية الدولة سنوياً.

وبحسب العديد من التقارير، فان إمارة دبي تعتمد على نسبة كبيرة من ايراداتها على القطاع العقاري، إذ تقوم الإمارة بفرض رسوم على كافة المعاملات الخاصة بالقطاع العقاري، ومنها طلب اعتماد تسجيل إجراء عقار في السجل المبدئي "ايجاره"، وعلى طلب استكمال الإجراءات المؤجلة في السجل الأولي "بيع مؤجل"، وعلى طلب اعتماد تسجيل إجراء عقار في السجل المبدئي "بيع مقترن بالرهن" وطلب اعتماد الإجراء المؤجل في السجل الأولي "بيع مؤجل" وطلب تصريح الإعلانات العقارية، وفي الغالب تحمل دبي الرسوم بالمناصفة على البائع والمشتري.

فرض الضرائب لا يوفر عوائد للدولة فحسب بل يحمي القطاع ويحد من المضاربات
back to top