سجلت أسواق الأسهم العالمية خلال الأسبوع الماضي أكبر خسائر لها منذ فترة، على خلفية عمليات البيع الكبيرة، عبر فئات الأصول، وهي العمليات التي كانت واضحة جدا طوال أيام الأسبوع. ونتيجة لذلك، تكبَّد مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال خسائر بنسبة 3.4 في المئة خلال الأسبوع، في الوقت الذي تراجع مؤشر Dow Jones الصناعي بنسبة 4 في المئة. كما انخفضت الأسهم الأوروبية، ممثلة بمؤشر Stoxx 600، بنسبة 3.1 في المئة خلال الأسبوع.

ووفق التقرير الأسبوعي الصادر عن شركة رساميل للاستثمار، كانت أسواق الأسهم في الولايات المتحدة سجلت أكبر خسائر لها منذ يناير 2016، بعدما تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 3.8 في المئة، في حين تكبَّد مؤشر Nasdaq خسائر بنسبة 3.7 في المئة خلال الأسبوع الماضي، فيما ارتفع مؤشر VIX، أو مؤشر التقلب في سوق شيكاغو للخيارات، من 11 إلى 14.

Ad

وقد جاءت تفاصيل التقرير كالتالي:

جاء هذا التراجع في أسواق الأسهم الأميركية مفاجئا إلى حدٍّ ما، بما أنه حدث خلال موسم إعلان الشركات نتائجها المالية، وهي النتائج التي حققت فيها الشركات أرباح قوية. وإضافة إلى ذلك، شهد الأسبوع الماضي أيضا مفاجأة أخرى في سوق الأسهم الأميركية، بعدما تراجع 11 قطاعا من قطاعات مؤشر S&P 500، وهي المرة الأولى التي تحدث منذ شهر الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر 2016.

ومع ذلك، فإن هذا الانخفاض بنسبة 3.5 في المئة بالأسواق يُعد إلى حدٍّ ما متأخراً، بعدما كانت الأسواق الأميركية حققت أداء قوياً منذ الانتخابات الرئاسية الأميركية في عام 2016، والتي أسفرت عن مفاجأة كبيرة، تمثلت بوصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وحتى يناير من هذا العام. ورغم هذه الخسائر التي تكبَّدها مؤشر S&P 500 وبنسبة 3.5 في المئة، لكنه لا يزال إيجابياً لهذا العام.

وكان الأسبوع الماضي شهد مغادرة جانيت يلين لمنصبها كرئيسة لمجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، وهو المنصب الذي تولاه جيروم باول. وقد ترك الاحتياطي الفدرالي الأميركي أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية دون أي تغيير، كما كان متوقعاً.

وأعطى مجلس الاحتياطي الجديد مؤشراً على أنه سيحافظ على وتيرة الزيادات في أسعار الفائدة خلال هذا العام، وهو الأمر الذي فسَّره المستثمرون على أن المجلس الحالي، برئاسية باول، سيكون أكثر صرامة. من جهة أخرى، واصلت العوائد الارتفاع، حيث يبلغ العائد على السندات لأجل 30 سنة حالياً نحو 3 في المئة.

أما على صعيد مؤشرات الاقتصاد الكلي، فقد واصلت الولايات المتحدة إظهار مؤشرات اقتصادية إيجابية، بعدما أظهرت البيانات الاقتصادية التي تم نشرها ارتفاع الدخل الشخصي في ديسمبر الماضي بنسبة تجاوزت التقديرات. كما أظهرت البيانات التي تم نشرها تجاوز الرواتب غير الزراعية للتقديرات بنسبة 11 في المئة، وهي النسبة الأكبر منذ عام 2009.

أما الإنفاق الشخصي، فجاء متوافقاً مع المسوحات، في حين جاء الإنفاق الشخصي الحقيقي عند نسبة 0.3 في المئة، وهو المعدل الذي جاء دون مستوى التقديرات، التي كانت تتوقع وصوله إلى مستوى 0.4 في المئة.

وعلى صعيد معدل البطالة، أظهرت البيانات التي نشرتها وزارة العمل الأميركية نجاح الاقتصاد الأميركي في إضافة 234 ألف وظيفة جديدة، وهو الرقم الذي جاء أعلى بكثير من التقديرات التي كانت تتوقع إضافة 185 ألف وظيفة جديدة.

من ناحية أخرى، سجلت مبيعات السيارات في يناير الماضي تراجعاً، وهو الأمر الذي كانت متوقعاً، بعدما وصلت دورة مبيعات السيارات إلى ذروتها.

وبالانتقال إلى موسم إعلان الشركات الأميركية نتائجها المالية للعام الماضي، فإنه أصبح من الواضح أن الشركات الأميركية نجحت خلال العام الماضي في تحقيق أداء جيد، بعدما أعلنت الشركات أرباحا جيدة، ونجاحها في تحقيق نمو كبير في مستوى الأرباح، وهو الأمر الذي يبرر الزخم التصاعدي الذي تشهده الأسهم منذ عام 2017.

واستنادا لما تم الإعلان عنه حتى الآن من نتائج مالية، حققت شركات Lockheed، وPfizer، وMcDonalds، وBoeing وMicrosoft نموا ملحوظا في الأرباح. وتعتبر هذه الشركات من الشركات الكبيرة في الولايات المتحدة والرائدة في الاقتصاد الأميركي. لكن من جهة أخرى، أعلنت شركة Google، وبشكل مفاجئ، أرباحا جاءت دون مستوى التوقعات، على خلفية ارتفاع حدة المنافسة على قطاع الإعلان على شبكة الإنترنت.

أوروبا

وبالانتقال إلى أوروبا شهد الأسبوع الماضي تحول عائد السندات لأجل 5 سنوات في ألمانيا إلى الضفة الإيجابية، للمرة الأولى منذ عام 2015، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى في عامين، وذلك عن نسبة 0.597 في المئة. ويسود حالياً شعور بين البنوك المركزية الرئيسة في أوروبا، بأن سياساتها تساهم بشكل إيجابي في تحسُّن الأداء الاقتصادي، في الوقت الذي نبدأ رؤية المزيد من المؤشرات على التضخم.

وعلى سبيل المثال، قال أحد صانعي السياسات في البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي: "ليس هناك أي سبب لاستمرار برنامج شراء الأصول"، في إشارة إلى برنامج شراء السندات الذي أطلقه "المركزي" الأوروبي، على غرار برنامج التيسير الكمّي الذي اعتمده مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي لمحاربة التضخم الراكد.

وشهدنا تأثر الأسهم الأوروبية بارتفاع عوائد السندات، جنباً إلى جنب مع التوقعات المتزايدة بشأن وضع حد لسياسات الاقتراض الرخيص والبرنامج الضخم لشراء السندات. كما أثرت قوة اليورو على الأسهم الأوروبية. وعانى مؤشر Stoxx 600 خلال الأسبوع الماضي أكبر نسبة من الخسائر الأسبوعية في غضون 14 شهراً. ومع ذلك، لا يزال هناك تفاؤل قوي في نمو الاقتصاد الأوروبي، لأن دورة النمو في أوروبا لا تزال في أولى مراحلها، مقارنة بدورة النمو في الولايات المتحدة.

وتؤكد أرقام الناتج المحلي الإجمالي الأخيرة التي نشرها مركز الإحصاءات الأوروبي (يوروستات) هذا الرأي، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي نمواً بنسبة 2.5 في المئة، وهو أفضل نمو سنوي للناتج المحلي الإجمالي خلال 10 سنوات. وتجاوز هذا النمو في الناتج المحلي الإجمالي معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، الذي بلغ في هذين البلدين 2.3 و1.8 في المئة على التوالي.