بعد ساعات من دعوة إيرانية واضحة تدعو أنقرة إلى وقف «هجوم عفرين، الذي ينتهك سيادة سورية»، كشف قائد في التحالف العسكري الداعم للرئيس السوري بشار الأسد، أمس الأول، عن نشر دفاعات جوية جديدة وصواريخ مضادة للطائرات على الجبهات في منطقتي حلب وإدلب في تحد مباشر لأنقرة.

وأوضح القائد العسكري، لوكالة «رويترز»، أن «الجيش السوري استقدم الدفاعات الجوية والصواريخ إلى مناطق التماس مع المسلحين في ريفي حلب وإدلب، بحيث تغطي المجال الجوي للشمال السوري»، واصفاً هذا الإجراء بأنه «رسالة للجميع».

Ad

وفي إطار هجوم كبير يستهدف «وحدات حماية الشعب» الكردية (YPG)، تنفذ تركيا عملية عسكرية بدعم فصائل المعارضة في منطقة عفرين التابعة لمحافظة حلب، كما تشنّ قوات النظام وفصائل شيعية مدعومة من إيران هجوماً على محافظة إدلب المجاورة. وتمثل المنطقة الشمالية مسرحاً أيضاً لعمليات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش».

وأعلن الجيش التركي، أمس، مقتل جندي وإصابة خمسة آخرين وموظف مدني في قصف بالهاون والقذائف الصاروخية من «منظمات إرهابية»، لم يسمها، خلال إقامة نقطة مراقبة جديدة في إدلب، إحدى المناطق الأربع التي يشملها اتفاق أستانة لخفض التوتر.

حسابات أميركية

إلى ذلك، اتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس، الولايات المتحدة بالعمل ضد مصالح تركيا وإيران وروسيا ضامني اتفاق أستانة في سورية، مؤكداً أنها «عندما تقول أنها ترسل 5 آلاف شاحنة وألفي طائرة شحن محملة بالسلاح لمحاربة داعش، نحن لا نصدق ذلك».

ودعا إردوغان، في كلمة أمام أعضاء حزب العدالة والتنمية في البرلمان، القوات الأميركية لمغادرة مدينة منبج لأن تركيا ستدخلها لإعادتها إلى «أصحابها الحقيقيين»، مؤكداً أن «العمليات الجارية في عفرين ستتواصل في إدلب»، مبيناً أن القوات التركية سيطرت حتى الآن على مساحة تبلغ 135 كيلومتر مربع، وهدفها إرسال سكان عفرين إلى مدينتهم.

واعتبر إردوغان أن تركيا «ليست لديها أي مشاكل مع الأكراد في الجنوب، ولكن مع التنظيمات الإرهابية المعروفة، وهي وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني وداعش».

من جهته، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني حسن روحاني، في مكالمة هاتفية، أمس، عن استعدادهما لمواصلة العمل على تطوير صيغة اتفاق أستانة الثلاثي للتسوية الأزمة في سورية.

مجازر وتحقيق

وغداة مصرع العشرات في قصف جوي للنظام، قتل 57 مدنياً وأصيب أكثر من 160 أمس، في غارات مماثلة استهدفت مناطق عدة في غوطة دمشق الشرقية المحاصرة أبرزها عربين، وفق الدفاع المدني السوري والمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأوضح قائد عسكري في غرفة عمليات المعارضة، أن القوات الحكومية شنت أكثر من 37 غارة جوية على الغوطة، وقصفت مدينة حرستا وبلدة عربين بـ 15 صاروخ أرض- أرض بعد أن فشلت في هجوم شنته فجر أمس، على محاور إدارة المركبات وعربين.

في الأثناء، أعلن خبراء جرائم الحرب في الأمم المتحدة إنهم يحققون في عدة تقارير عن استخدام قنابل تحوي غاز الكلور المحظور ضد المدنيين في بلدتي سراقب في إدلب ودوما في الغوطة.

واعتبر رئيس لجنة التحقيق الدولية بول بينيرو أن الحصار المفروض على الغوطة «ينطوي على جرائم دولية تتمثل في القصف دون تمييز والتجويع المتعمد للسكان المدنيين»، مشيراً إلى تقارير عن ضربات جوية أصابت ما لا يقل عن ثلاثة مستشفيات في الثماني والأربعين ساعة الماضية «تجعل ما تعرف بمناطق عدم التصعيد مثار سخرية».

استخدام الكلور

وبعد مواجهة مع روسيا في اجتماع بمجلس الأمن خصص لاستخدام الأسلحة الكيماوية في سورية، عبرت الولايات المتحدة عن «قلقها العميق» من تنفيذ الأسد هجمات جديدة بغاز الكلور في الغوطة، مطالبة بـ«ممارسة ضغوط» عليه وعلى داعميه» لوقفها.

وبعيد ساعات من إبلاغها مجلس الأمن بأن «هناك أدلة واضحة ومعلومات عن استخدام نظام الأسد الكلور ضد شعبه مرات عدة في الأسابيع الأخيرة ويوم الأحد»، أكدت سفيرة الولايات المتحدة نيكي هايلي، أن «الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء الاتهامات المستمرة بشأن استخدام النظام غاز الكلور لترويع أبرياء آمنين، وهذه المرة قرب سراقب في محافظة إدلب».

ومع إعلان الأتراك والأكراد أرقاماً تخطت الألف قتيل في عملية «غصن الزيتون»، دعت الأمم المتحدة أمس، إلى وقف فوري للأعمال القتالية لمدة شهر على الأقل في كافة أنحاء سورية بما يسمح بإيصال المساعدات الإنسانية وإجلاء الحالات الحرجة، محذرة من العواقب الوخيمة الناجمة عن استمرار الأزمة العصيبة.

وأكد المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية وممثلو منظمات الأمم المتحدة العاملة في سورية، في بيان مشترك، توقف خطة المساعدات «بسبب القيود المفروضة على الوصول، أو عدم التوافق حول المناطق أو المساعدات أو عدد المستفيدين»، معتبرة «رهن الاستجابة الإنسانية للقتال عاراً على الجميع».

تسليم وانتقام

في غضون ذلك، طلبت وزارة الدفاع الروسية من تركيا، مساعدتها في استعادة بقايا القاذفة «سو 25 « التي أسقطت يوم السبت في إدلب، موضحة أن ذلك لتحديد نوعية الصاروخ المحمول المضاد للطائرات الذي استخدمه المسلحون في ضربها.

وتزامناً عودة جثمان الطيار الروسي إلى بلاده، نقلت وكالة «سبوتنيك» الرسمية عن مصادر رفيعة أمس، أن القيادة الروسية سارعت عقب إسقاط الطائرة بالإبراق لجنرالاتها في قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية لاتخاذ الإجراءات الثأرية السريعة وانتقاء الأهداف دون وضع أي اعتبار للجغرافيا.

في السياق، سلمت «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) أمس الأول السلطات التركية الكنديين جولي بيمباشي وشون مور، اللذين احتجزتهما بضعة أسابيع في إدلب بعد وصولهما من لبنان، حيث خاضت بيمباشي معركة لاستعادة حضانة طفليها من دون أن تنجح بذلك.