الصنيدح... ضحية أجواء الانغلاق
في مثل هذه الظروف الحالية، التي تنتكس فيها الحريات الصحافية، والقدرة على التعبير في الكويت، وتزداد القوانين المشددة التي تصل إلى سجن مغردين ونشطاء لسنوات تمتد إلى 5 سنوات، لنشرهم عدة كلمات على وسائل التواصل الاجتماعي، ليس غريباً أن يتم الاعتداء على صحافي بالضرب، وطرده من مبنى مجلس الأمة، وهو يقوم بتأدية مهمته الأسمى، التي ربما تفوق أداء النائب نفسه، لأنه ينقل للناخب، الذي أوصل ذلك النائب إلى بيت الأمة، ما يفعله بالتفويض الذي منحه له ليمثله ويرعى مصالحه.لذا فإن الاعتداء بالضرب على الزميل علي الصنيدح، المحرر البرلماني، وطرده من مقر عمله دون ذنب، هو انعكاس للنفَس والجو السائد في البلد ضد الإعلام الحر والمستقل، والرغبة في أن يكون الصحافي تابعاً لمنظومة العلاقات العامة للمؤسسة التي يغطي فعالياتها، ومنها مجلس الأمة، بحيث يكون أداة للبهرجة والنفاق وتزيين الوقائع وإخفاء السلبيات، وإن فعل غير ذلك فهو مهدد بالطرد والملاحقة والمضايقات.
شخصياً كنت صحافياً برلمانياً لأكثر من عشرين عاماً، وشهدت عمليات التضييق والملاحقة للصحافيين، وتغيير مواقعهم عدة مرات داخل مجلس الأمة، حتى أصبحت غرفة الصحافة ملاصقة لمطبخ إعداد الشاي والقهوة، والمضايقات المستمرة من جهات عدة داخل مبنى البرلمان من حرس وخلافه، والتلاعب بموقع جلوس الصحافيين داخل قاعة البرلمان، حتى لا يستطيعوا الاطلاع على الحدث عن قرب، بينما في مبنى الكونغرس الأميركي الشخص الوحيد المخول له استخدام المصعد المخصص لـ "السيناتورز" هو رجل الصحافة.الاعتداء الذي تم على الزميل علي الصنيدح من حرس المجلس هو جريمة مدانة، ومحاولة جديدة لإخضاع الصحافيين لممارسة مهنتهم بأسلوب موظف العلاقات العامة، وحتى لا يمارس مهنيته بمتابعة حقيقة الحدث وتفاعلاته، وهو أمر يجب أن يكون ضده موقف حازم وجاد من جمعيات النفع العام والقوى المهتمة بالحريات، وخاصة المعنية بالدفاع عن الصحافيين وحرية الإعلام والتعبير، وأن تكون هناك وقفة تضامنية لجميع الصحف، والامتناع عن تغطية جميع أحداث البرلمان ليوم واحد على الأقل، تضامناً مع الزميل علي الصنيدح، الذي نحيي إرادته وإصراره على أداء عمله بحرية، ومتابعة الحدث رغم المضايقات التي تعرض لها، والتي وصلت - مع الأسف - إلى حد الاعتداء عليه ممن يمثل وظيفة عامة رفيعة.