ضاعفت التصريحات، التي أطلقها وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، بخصوص تخطيط بلاده للبدء في أعمال تنقيب عن البترول والغاز شرق البحر المتوسط، من حجم التوتر بين القاهرة وأنقرة، خصوصاً أن مصر حذرت تركيا من المساس بسيادتها في المتوسط، ما يؤشر إلى حجم الصدام المستقبلي المتوقع بين البلدين على منابع البترول والغاز في المياه الإقليمية للبحر المتوسط.

وتعد مصر إحدى الدول المتشاركة في الحدود البحرية، التي يحق لها الاستفادة من الاكتشافات الكبيرة للغاز الطبيعي المتوافر باحتياطات ضخمة في منطقة شرق المتوسط، حيث وصلت احتياطات الأخير في حوض شرق المتوسط نحو 345 تريليون متر مكعب، ما دفع مصر إلى توقيع اتفاقية ترسيم حدودها البحرية مع قبرص عام 2013، التي بموجبها تقاسمت مصر وقبرص المنطقة الخاصة بالغاز الطبيعي، لمواجهة الأطماع التركية والقبرصية.

Ad

وفق مراقبين، فإن القاهرة تحركت مبكراً في هذا المضمار، للاستفادة من الاحتياطات الضخمة من الغاز الطبيعي في شرق المتوسط، والتي يمكن أن تدرّ على مصر نحو 20 مليار دولار سنوياً، وفقاً لدراسات عالمية.

ويعود اهتمام مصر بمنطقة شرق المتوسط إلى عام 1999 عندما أعطت الهيئة العامة للبترول امتياز تنقيب بحري لتحالف من الشركات الأجنبية والمصرية عرف اختصاراً بـ"نيميد"، حيث بدأ الاستكشاف في منطقة الامتياز الممتدة من شمال الدلتا حتى السفح الجنوبي لجبل إراتوستينس، وتم التأكد من وجود احتياطي ضخم من الغاز، ورغم إعلان شركة "شل" نيتها العمل على استخراج الغاز لكنها توقفت عن العمل منذ 2004، في وقت بدأت إسرائيل وقبرص عمليات الحفر في منطقة السفح الشمالي والشرقي لجبل إراتوستينس، الواقع في المياه الاقتصادية لمصر.

إلى ذلك، حذر مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير إبراهيم يسري، من خطورة الوضع في منطقة شرق المتوسط التي تقترب – بحسب قوله - من الدخول في حرب غاز متوقعة، لافتاً إلى أن تركيا بتصريحاتها الأخيرة كشفت عن نيتها تفعيل الحل العسكري لمواجهة أي محاولة للاستيلاء على حدودها البحرية، وهو وضع يفرض على مصر الاستعداد عسكرياً تحسباً لتعدي أي جهة على حدودها المائية، وكذلك العمل على تفعيل الاتفاقات الدولية الواضحة في هذا الشأن لضمان حقوق مصر.

وتحدث الخبير في مجال الطاقة نائل الشافعي، عن تداخل المناطق البحرية بين مصر وقبرص وتركيا واليونان، على شكل خطين متقاطعين، الأول يصل بين مصر وتركيا، والثاني يفصل بين قبرص واليونان، وفي مثل هذه الحالات ينص القانون الدولي على أن الدولتين اللتين تتمتعان بمساحة أقصر بينهما يكونان أحق بالحدود المشتركة من الدولتين اللتين تفصلهما مسافة أبعد، وفي هذه الحالة فإن أقصر مسافة بين مصر وتركيا هي "274 ميلاً بحريا"، في حين أن أقصر مسافة بين قبرص واليونان هي "297 ميلا بحرياً"، ما يعني أن مصر وتركيا أحق بالحدود المشتركة من قبرص واليونان.

إلا أنه بعد اتفاق ترسيم الحدود بين مصر وقبرص، أضحت المسافة بين قبرص واليونان أقرب مما هي عليه بين مصر وتركيا، وهذا هو سبب رفض أنقرة لاتفاقية الترسيم بين مصر وقبرص، كون ذلك يبعد تركيا عن المناطق الاقتصادية الغنية بالبترول والغاز الطبيعي.

فيما قال خبير الطاقة الدولي إبراهيم زهران إن احتياطي الغاز في شرق المتوسط يقدر بنحو 250 تريليون متر مكعب، و345 تريليون متر مكعب احتياطي غير مؤكد، معظمها في مياه مصر الإقليمية، مضيفاً لـ"الجريدة": "كميات الغاز الطبيعي الهائلة المكتشفة في البحر المتوسط قادرة على تحويل مصر إلى دولة صناعية كبرى على مستوى العالم، وأن الأمر يحتاج إلى سرعة تحرك من جانبنا لحماية حقوقنا في تلك الثروة الهائلة التي تقع معظمها في المياه الإقليمية المصرية.