يأتي الانعقاد المرتقب لمؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق الذي يعول عليه كثيراً في حشد الزخم لرفع المعاناة عن الملايين من النازحين والمتضررين من ضحايا الحرب على الإرهاب ليضع لبنة جديدة في سياق الجهود الكبيرة التي تبذلها دولة الكويت بتوجيهات سامية لمد يد العون للشعب العراقي.فالمؤسسات والهيئات الكويتية الحكومية والخاصة التي تولي أهمية كبرى لدعم الدول الشقيقة والصديقة وشعوبها ترجمة لرسالة الكويت الإنسانية يحتل العراق مكانة خاصة لديها في ظل الحاجة الماسة لتقديم مساعدات عاجلة للمتضررين جراء الحرب على ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» لتتسامى بذلك على جراحات الماضي وتؤكد سعيها الدؤوب نحو مد الجسور وحرصها الدائم على الاستقرار والتعايش السلمي في المنطقة.
وبدت المكانة الخاصة التي توليها دولة الكويت للعراق في هذا الشأن جلية بإعلانها عام 2015 عن تقديم تبرع مالي بقيمة 200 مليون دولار لمساعدة النازحين في العراق ما يؤكد مجدداً المنطلق الأساسي في سياسات الكويت الخارجية القائم على العمل على تحقيق الأمن والاستقرار في العراق.واتبعت المؤسسات والهيئات الكويتية مسارات عدة متوازية لدى تقديم المساعدات الإنسانية في العراق خلال الفترة الماضية تركزت غالبيتها في مجالات الصحة والتعليم وإعادة الإعمار إلى جانب قطاع الإغاثة الذي احتل أولوية كبيرة بما يتضمنه من تقديم مساعدات منقذة للحياة كالغذاء ووقود التدفئة واحتياجات الأسر الأساسية الأخرى.وشهد الربع الأخير من العام الماضي تكثيفاً للدعم الذي تقدمه دولة الكويت للاجئين والنازحين العراقيين لا سيما مع تعرض عدد من المناطق العراقية إلى زلزال مدمر أسفر عن سقوط عدد من الخسائر البشرية ووقوع أضرار مادية كبيرة كما استمرت هذه المساعدات بمعدلات مرتفعة مع بداية العالم الجديد.
إغاثياً
على الصعيد الإغاثي، بدأت جمعية الهلال الأحمر الكويتي في نوفمبر الماضي توزيع مساعدات إغاثية على المتضررين من زلزال مدمر ضرب محافظتي السليمانية وحلبجة شمال العراق بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر العراقي والقنصلية العامة لدولة الكويت في اربيل.وشملت هذه العملية توزيع الآلاف من الطرود الغذائية التي تحتوي على مواد عينية غذائية ومواد صحية وذلك في ظل وجود أكثر من 600 عائلة متضررة في حلبجة وحدها جراء الزلزال الذي أدى إلى تدمير نحو 100 منزل وعدد من الدوائر الحكومية بالمحافظة.وواصلت جمعية الهلال الأحمر الكويتي في ديسمبر الماضي مساعدة متضرري الزلزال حيث وزعت على 750 عائلة منهم 30 ألف لتر من وقود التدفئة في قضاء كلار بمحافظة السليمانية إقليم كردستان العراق نظراً لحلول فصل الشتاء.كما وزعت الجمعية في الشهر نفسه 30 طناً من المواد الغذائية إضافة إلى ألف طرد صحي على المتضررين من الزلزال في قضاء رانية التابع لمحافظة السليمانية المحاذية للحدود العراقية الإيرانية.وفي يناير الجاري قدمت الجمعية بالتعاون مع نظيرتها العراقية كذلك 60 ألف لتر من وقود التدفئة إلى 1500 من العائلات المتضررة في منطقتين بمحافظة حلبجة كانوا بأمس الحاجة إلى تلك المساعدات تزامناً مع موجة من الطقس البارد اجتاحت المنطقة.وفي هذا الإطار، أعرب مدير فرع السليمانية لجمعية الهلال الأحمر العراقي صلاح الدين صالح في تصريح سابق لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) عن شكره لدولة الكويت وجمعية الهلال الأحمر الكويتي لقيامها بتوزيع مواد التدفئة خصوصاً مع حلول فصل الشتاء، مشيراً إلى أن الكويت بادرت بتقديم المساعدات الإنسانية منذ وقوع الزلزال ومازالت مستمرة في تقديمها في شتى المجالات من خلال تغطية الكثير من المجالات منها الغذائية والإغاثية وحالياً النفطية على العائلات المتضررة.كما عبر ممثل جمعية الهلال الأحمر العراقي في السليمانية يونس عبدالسلام في تصريح مماثل لـ (كونا) عن الشكر لدولة الكويت على قيامها بتقديم مساعدات متنوعة للمتضررين سعياً للتخفيف من معاناتهم، لافتاً إلى أن المساعدات المقدمة من قبل دولة الكويت تتميز بالجودة والتنوع وتلبي حاجة المواطنين المتضررين.صحياً
وعلى الجانب الصحي، قدمت «الجمعية الكويتية للإغاثة» في أكتوبر الماضي مساعدات طبية تزن 10 أطنان إلى دائرة صحة نينوى ليتم توزيعها على مستشفيات مدينة الموصل وذلك ضمن حملة «الكويت بجانبكم».وجاء تقديم هذه المساعدات تحت إشراف القنصلية العامة لدولة الكويت في اربيل وبتنفيذ مؤسسة «روناهي» الخيرية بالتعاون مع مكتب تنسيق الأزمات المدنية في حكومة إقليم كردستان العراق لسد الاحتياجات الطبية في مستشفيات مدينة الموصل بعد تحريرها من قبضة «داعش».وارتفع بذلك وفقاً لاحصاءات كشف عنها القنصل العام لدولة الكويت في اربيل الدكتور عمر الكندري حجم المساعدات الطبية التي قدمتها الكويت إلى مستشفيات إقليم كردستان العراق ومدينة الموصل لتوفير العلاج اللازم للنازحين العراقيين والمرضى والمصابين إلى نحو 400 طن من الأدوية.وعلّق مدير العلاقات العامة بمنظمة «روناهي» الخيرية صالح يوسف في تصريح لـ (كونا) بالإعراب عن الشكر لدولة الكويت على تقديمها شتى المساعدات للنازحين العراقيين والجامعات والمستشفيات، مشيراً إلى أن المبادرات الكريمة لدولة الكويت ساهمت إلى حد كبير في تخفيف معاناة النازحين وأهالي مدينة الموصل وضواحيها.بدوره، تقدم معاون مدير عام صحة نينوى للشؤون الإدارية فرس عقراوي بالشكر لدولة الكويت حكومة وشعباً على مواقفها الدائمة الداعمة للشعب العراقي، مشيراً إلى أن المساعدات الطبية تدعم كثيراً الوضع الصحي في نينوى.وأضاف عقراوي أن هذه المساعدات المقدمة من قبل دولة الكويت ليست غريبة عن العراقيين وخصوصاً أهالي الموصل «فقد قامت دولة الكويت بتقديم يد العون في العديد من المجالات حيث قامت ببناء عدد من الأبنية للمستشفيات إضافة إلى توسعة عدد من المستشفيات».كما شهد أكتوبر الماضي كذلك تكفل دولة الكويت بعلاج أكثر من 180 من المدنيين المصابين الذين بترت أطرافهم من أهالي الموصل لتركيب أطراف صناعية لهم في مستشفى خاص بمدينة اربيل بدعم من «الجمعية الكويتية للإغاثة» وجمعية الهلال الأحمر الكويتي.أطراف صناعية
وعلى الصعيد نفسه تكفلت الكويت خلال يناير الجاري بتركيب أطراف صناعية إلى 66 شخصاً في أحد المستشفيات الخاصة بمدينة اربيل بالتعاون مع منظمة «روناهي» الخيرية وذلك بعد إصابتهم في الموصل خلال سيطرة تنظيم «داعش» عليها.وعلقت رئيسة منظمة «روناهي» الخيرية زيان ميراني على هذه المساعدات الكويتية بالاعراب في تصريح لـ (كونا) عن شكرها لدولة الكويت لتقديمها يد العون للمصابين من جميع المدن العراقية خصوصاً مدينة الموصل وأطرافها.وقالت ميراني أن المصابين يشملون جميع الأعمار ومن بينهم أطفال ونساء وكبار في السن فقدوا أطرافهم جراء العمليات العسكرية في المدينة مشددة على أن ما قامت به دولة الكويت أعاد الأمل بالشفاء إلى المصابين الذي قد فقدوه.وفي الشهر نفسه، أعلنت الجمعية الطبية العراقية الموحدة للإغاثة والتنمية افتتاح مركز «30 تموز الصحي» في الجانب الأيمن من مدينة الموصل بعد مباشرتها أعمال إعادة تأهيله في 20 سبتمبر الماضي بتمويل من «الجمعية الكويتية للإغاثة» ضمن منحة كويتية لدعم القطاع الصحي في العراق في اطار حملة «الكويت بجانبكم».وأصبح «30 تموز الصحي» بذلك أول مركز صحي ينجز بالكامل في الجانب الأيمن من الموصل بعد تحريرها من سيطرة «داعش» ليقدم خدماته لسكان ستة احياء سكنية هي «30 تموز» و«17 تموز» و«المشيرفة الأولى» و«المشيرفة الثانية» و«الاقتصاديين» و«الهرمات».ويأتي ذلك بعدما قامت دولة الكويت بتمويل بناء وتجهيز خمسة مراكز صحية في المخيمات الخاصة بالنازحين وتوسيع مستشفى الطوارئ في اربيل لاستقبال عدد أكبر من مصابي الموصل وترميم دار لرعاية المسنين إضافة إلى اهداء نحو 30 سيارة اسعاف لنقل المرضى والنازحين في مستشفيات إقليم كردستان العراق.تعليمياً
وعلى الجانب التعليمي، باشرت الجمعية الكويتية للاغاثة في ديسمبر الماضي عبر شريكها المحلي في العراق الجمعية الطبية العراقية الموحدة للإغاثة والتنمية توزيع آلاف المقاعد المدرسية و«السبورات» على عدد من مدارس مدينة الموصل في اطار حملة «الكويت بجانبكم» التي تمولها الجمعية الكويتية للإغاثة.وقال مدير الجمعية الطبية العراقية الدكتور أحمد الهيتي في تصريحات سابقة لـ (كونا) أن الجمعية وزعت 864 مقعداً دراسياً و500 سبورة في الجانب الأيمن من مدينة الموصل وذلك من بين خمسة آلاف مقعد و500 سبورة سيتم توزيعها في عموم المدينة لاحقاً.كما شهد الشهر نفسه افتتاح ست مدارس «كرفانية» جديدة في محافظة نينوى شمالي العراق شيدت بتمويل كويتي تحت اشراف سفير دولة الكويت لدى العراق سالم الزمانان وبتنفيذ الجمعية الطبية العراقية وذلك في اطار حملة «الكويت بجانبكم» أيضاً.وأثنى الهيتي في تصريحات سابقة لـ (كونا) على الدعم الكبير لدولة الكويت في مجال إعادة الاستقرار إلى المدن العراقية لاسيما في قطاعي التربية والصحة.إعادة الإعمار
كما أولت دولة الكويت اهتماماً كبيرا بقطاع إعادة الإعمار في العراق خاصة مع تأكيد سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في اتصال هاتفي أجراه مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في يوليو الماضي استعداد دولة الكويت لاستضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار المناطق المحررة.وأجرت المؤسسات والهيئات الكويتية المختلفة منذ ذلك الحين اتصالات متواصلة مع الجانب العراقي للتنسيق بشأن عقد المؤتمر والتعرف على احتياجات العراق الفعلية في مجال إعادة الإعمار.وأكد نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجارالله في تصريحات صحفية في وقت سابق أن مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق الذي سيعقد في الفترة من 12 إلى 14 فبراير المقبل سيحظى بمشاركة دولية واسعة.وقال الجارالله أن «دعم الكويت للعراق لم يتوقف ولن يتوقف لأن أمن واستقرار العراق من أمن واستقرار الكويت والمنطقة»، معرباً عن تهانيه للعراق على الانتصار الحاسم على التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها «داعش».وتزامناً مع استضافة الكويت أعمال المؤتمر الدولي لإعادة إعمار العراق تعتزم الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بدولة الكويت تنظيم مؤتمر آخر للمنظمات غير الحكومية لدعم الوضع الإنساني في العراق في الـ 12 من فبراير المقبل وذلك بتوجيهات كريمة من سمو أمير البلاد.ويهدف المؤتمر وفقاً لما أعلنه رئيس مجلس إدارة الهيئة الدكتور عبدالله المعتوق إلى تقييم الوضع الإنساني في العراق وحشد جهود المنظمات المحلية والإقليمية والدولية للاطلاع على الاحتياجات الأساسية للأشقاء العراقيين المتضررين جراء النزاعات المسلحة ودعم جهود الاستجابة وتعزيز جهود الشراكة في مواجهة التحديات الإنسانية المؤلمة في العراق.وأشار إلى أن الهيئة وجهت دعوات لأكثر من 100 منظمة محلية وإقليمية ودولية والعديد من الشخصيات القيادية والأممية الرفيعة الناشطة في الحقل الإنساني مقرونة بورقة تعريفية عن المؤتمر ورؤيته وأهدافه والجهة المنظمة.وتأتي الجهود المختلفة لمساعدة العراق في اطار المبادئ الراسخة لدولة الكويت في دعم الدول الشقيقة والصديقة وشعوبها دون تمييز تنفيذاً لتوجيهات سامية بتعزيز جهود العمل الإنساني على الصعيد الدولي ترجمة لرسالة الدولة السامية بصفتها «مركزاً للعمل الإنساني».فسمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قائد العمل الإنساني حث في الكثير من التوجيهات والكلمات السامية على أن تكون دولة الكويت سباقة إلى العمل الخيري الإنساني وتقديم المبادرات الإنسانية العالمية وأن تكون مركزاً رائداً لاستضافة العديد من المؤتمرات والفعاليات ذات الطابع الإنساني انطلاقاً من الايمان المطلق بالمبادئ الإنسانية والأيادي الممدودة دائماً بالخير.