في وقت يبدو خطر شح المياه مهيمناً على صانع القرار في مصر، مع عدم وضوح مسار مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، أعاد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس، الحديث عن أهمية ترشيد استخدام المياه، وهو الأمر الذي باتت الحكومة المصرية تعطيه الكثير من الأهمية في الأونة الأخيرة، مع مضي أديس أبابا قدما في بناء سد النهضة الذي يتوقع أن يخصم من حصة مصر التاريخية في مياه النيل والمقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب، مما يعني دخول أكثر من 100 مليون مصري تحت مظلة الندرة المائية.وشدد السيسي، في تصريحات على هامش افتتاح المرحلة الأولى من إنشاء مئة ألف صوبة زراعية بقاعدة محمد نجيب العسكرية بمحافظة مطروح الساحلية، على ضرورة الحفاظ على كل نقطة مياه عند الاستخدام، وأشار إلى أن استخدام أساليب ري وزراعة حديثة سيكون من شأنه توفير كميات كبيرة من المياه، التي يمكن الاستفادة منها في قطاعات أخرى، موجها كلامه للمصريين: "لازم نكون حريصين في كل مصر على كل نقطة مياه".
وأضاف أن المشروعات المتعلقة بالصوب ليست "ترفاً"، لكنها أمر مهم لا بد من التحرك فيه، متابعا: "الكلام ده مش هنعمله ترف، ده أمر لازم نتحرك فيه بمسؤولية وجدية كبيرة، حكومة وشعب"، وأشار إلى أن تكلفة الصوب الزراعية عالية التكنولوجيا، "ولكن المياه بالنسبة لنا مهمة جداً، والحفاظ عليها أمر في منتهى الأهمية"، وأضاف: "لازم نكون حريصين جدا جدا في مصر على كل نقطة مياه خلال العملية الزراعية".
علاقات ثنائية
في غضون ذلك، اجتمع وزيرا خارجية مصر والسودان سامح شكري وإبراهيم غندور، ورئيسا المخابرات في البلدين في القاهرة، أمس، في إطار محاولات كسر حدة التوتر التي شهدتها العلاقات بين دولتي وادي النيل، في عدد من الملفات أبرزها سد النهضة الإثيوبي ومثلث حلايب المصري الذي تطالب به الخرطوم، وشدد شكري على أن المشاورات اتسمت بالصراحة والشفافية وطرح كل الشواغل التي أدت إلى قدر من سوء الفهم وعدم الارتياح بين البلدين. وألقى شكري، في مؤتمر صحافي مع نظيره السوداني، بيانا مشتركا عقب الاجتماع الرباعي، يتضمن عشر نقاط تمت مناقشتها بين الطرفين، من أجل "تعزيز وترسيخ علاقات الأخوة وتعظيم مساحات التعاون المشترك بما يليق بأهمية العلاقات بين البلدين"، خلصت جميعها إلى ضرورة استمرار التنسيق المشترك بين البلدين، بما في ذلك تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والربط الكهرباء والنقل، والتعاون في مجال مياه النيل بناء على الاتفاقيات الموقعة بين البلدين بما فيها اتفاقية عام 1959.وتناول الاجتماع الرباعي التأكيد على أهمية تصحيح التناول الإعلامي والعمل على احتواء ومنع التراشق ونقل الصورة الصحيحة للعلاقات الأزلية بين البلدين، والعمل المشترك على إبرام ميثاق الشرف الإعلامي بين البلدين، ورفضهما للتناول المسيء لأي من الشعبين أو القيادتين، الاتفاق على تعزيز التشاور في القضايا الإقليمية، والإعداد لعقد اللجنة المشتركة برئاسة رئيسي البلدين في الخرطوم خلال العام الحالي.من جهته، قال وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، إن الطريق ممهد لعودة سفير بلاده إلى القاهرة قريبا جدا، إذ استدعت الخرطوم سفيرها من القاهرة للتشاور 4 يناير الماضي، بسبب تفجر أزمات متراكمة بين البلدين، وأضاف غندور: "الطريق ممهد إن شاء الله لعودة السفير السوداني في أي وقت"، مؤكدا أن اجتماع القاهرة يعد بداية لحلحلة كل المشاكل التي استدعت استدعاء السفير، نافيا منح تركيا قاعدة عسكرية في جزيرة سواكن السودانية.استنفار واستعداد
وفي حين تواصل مصر فتح معبر "رفح" بين سيناء وقطاع غزة لليوم الثالث على التوالي، علمت "الجريدة" أن حالة من الاستنفار الأمني غير المسبوقة أعلنت بين صفوف قوات الجيش، إذ وصلت تعزيزات لقوات الجيش إلى سيناء، في إطار الجهود المتواصلة لتطهير كل البؤر الإرهابية لفلول التكفيريين، وصولا إلى الإعلان عن القضاء على الإرهاب، فضلا عن البدء في حرم "مطار العريش"، والتي تقضي بضم 5 كيلومترات بشكل دائري لحرم المطار، في إطار تحقيق أقصى درجات التأمين.وأكد رئيس مجاهدي شيوخ سيناء، عبدالله جهامة، لـ "الجريدة"، تحركات الجيش المصري المكثفة خلال اليومين الماضيين، وأضاف: "هناك ضربات موجهة للعناصر التكفيرية الموجدة في هذه المناطق"، متوقعا أن تشهد الساعات القليلة المقبلة حملات أوسع نطاقًا لتوجيه ضربات قوية للبؤر الإرهابية بناء على حجم الاستعدادات الأمنية المتخذة مؤخرا.وقال مصدر مطلع إن حالة الاستنفار الأمني لا تقتصر على سيناء فقط، بل تشمل الحدود الغربية مع ليبيا، والظهير الصحراوي بالحدود الغربية الجنوبية، ولاسيما مع بدء الجيش الليبي لتنفيذ عمليات أمنية بمدينة درنة، والتي تعد معقل الجماعات المتطرفة في الشرق الليبي. وأشار المصدر إلى أن حالة الاستنفار مستمرة حتى إجراء الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل. من جهته، قال المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، اللواء طلعت موسى، لـ "الجريدة"، إن القوات المسلحة تسعى إلى تطهير أراضي سيناء من الجماعات الإرهابية، خلال الفترة المحددة من قبل الرئيس السيسي، وهي ثلاثة أشهر تنتهي بنهاية الشهر الجاري، لذا من المتوقع أن تشهد شبه الجزيرة المصرية نشاطا للعمليات من أجل تحقيق إنجازات على أرض الواقع تنعكس إيجابا على مجمل الوضع الأمني.وفي إطار مكافحة الفساد المستشري في دولاب الدولة المصرية، أيدت محكمة جنايات الجيزة أمس الأول، قرار جهاز الكسب غير المشروع، بالتحفظ على أموال محافظ المنوفية السابق هشام عبدالباسط وأفراد من أسرته، على ضوء تحقيقات في وقائع اتهام المحافظ بتضخم ثروته بطريقة غير مشروعة، في حين قرر جهاز الكسب غير المشروع حبس نائبة محافظ الإسكندرية سابقا، سعاد الخولي، لمدة 15 يوما احتياطيا على ذمة التحقيقات في اتهامها بتضخم ثروتها، فضلا عن تلقيها رشى.إلى ذلك، أصدرت محكمة النقض حكما نهائيا وباتاً أمس، بمعاقبة نجل شقيق الرئيس الأسبق محمد مرسي، و11 متهما آخرين، بالسجن لمدة 5 سنوات مع وضعهم تحت المراقبة الشرطية لمدة مماثلة، لإدانتهم بارتكاب أعمال العنف والإرهاب ومحاولة اقتحام قسم شرطة في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، وجاء الحكم بعد رفض المحكمة طعون المحكوم عليهم.