واشنطن تهاجم قوات الأسد في دير الزور وتقتل 100

● رداً على هجوم شنته «غرفة عمليات حلفاء سورية» على موقع قيادة لـ «قسد» شرق الفرات
● إدارة ترامب وجهت رسالة لكل القوى بما فيها تركيا... وشكوك في تورط متعاقدين روس

نشر في 09-02-2018
آخر تحديث 09-02-2018 | 00:04
سوري يفر بأسرته من غارات النظام على بلدة جسرين بالغوطة أمس  (أ ف ب)
سوري يفر بأسرته من غارات النظام على بلدة جسرين بالغوطة أمس (أ ف ب)
في تطور ميداني كبير، وجهت من خلاله واشنطن رسالة إلى جميع القوى العاملة في الميدان السوري، ومن ضمنها تركيا شريكتها في حلف شمال الأطلسي، هاجمت طائرات أميركية قوات تابعة للرئيس بشار الأسد على الضفة الشرقية لنهر الفرات في محافظة دير الزور، مما أسفر عن مقتل نحو 100 عنصر.
مع استمرار القصف العنيف على الغوطة الشرقية المحاصرة لليوم الرابع على التوالي، استهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن ليل الأربعاء - الخميس مقاتلين موالين للرئيس السوري بشار الأسد في محافظة دير الزور، مما أسفر عن سقوط مئة قتيل على الأقل.

وأعلن التحالف الدولي فجر أمس أن «قوات موالية للنظام شنّت في السابع من فبراير هجوما لا مبرر له» ضد مركز لقوات سورية الديمقراطية (قسد) شرق نهر الفرات في محافظة دير الزور الحدودية مع العراق، موضحا أن عناصر من قواته في مهمة «استشارة ودعم ومرافقة كانت متمركزة بالمنطقة حين وقع الهجوم على بعد 8 كيلومترات شرق نهر الفرات».

وفي رسالة شديدة اللهجة لمحور الرئيس بشار الأسد وأيضا لحليفتها تركيا للابتعاد عن حلفائها الأكراد، أكد مكتب التواصل الإعلامي بوزارة الخارجية الأميركية، أ​نه «دفاعاً عن قواته والقوات الشريكة، وجّه التحالف ضربات جوية ضد القوات المهاجمة لصد هذا العمل العدواني ضد الشركاء المنخرطين في مهمة هزيمة داعش​«، مؤكدا أنه «مازال ملتزما بالتركيز على مهمة التنظيم في وادي نهر الفرات الأوسط، ويؤكد حقه غير القابل للتفاوض في الدفاع عن النفس».

وقدر مسؤول عسكري أميركي «مقتل أكثر من مئة عنصر من القوات الموالية للنظام، في وقت كانت هذه القوات تشتبك مع سورية الديمقراطية وقوات التحالف».

النفط والغاز

وأوضح مدير المرصد رامي عبدالرحمن أن القصف الأميركي «الجوي وبصواريخ أرض أرض» أسفر عن مقتل 45 عنصرا غالبيتهم من مقاتلي العشائر الموالية للنظام، فضلا عن آخرين أفغان، مشيرا إلى أنه تسبب أيضا في تدمير أسلحة ثقيلة من دبابات ومدافع وآليات.

وأكد عبدالرحمن أن «التحالف بدأ قصفه بعد استهداف النظام مواقع قسد شرق الفرات، بينها قرية جديد عكيدات وحقل كونيكو النفطي الذي توجد قوات أميركية في محيطه»، مبينا أن «قسد» ردت بالسلاح المدفعي أيضا، مستهدفة بلدة خشام المحاذية قبل أن تتدخل قوات التحالف.

ووفق عبدالرحمن، فإن «قوات النظام تسعى إلى استعادة حقول النفط والغاز التي سيطرت عليها سورية الديمقراطية بعد طرد تنظيم الدولة»، وأبرزها حقلا كونيكو والعمر، الذي يعد الأكبر في سورية، ووصل إنتاجه قبل اندلاع النزاع إلى 30 ألف برميل يومياً. وكان معمل كونيكو يعد قبل بدء النزاع أهم معمل لمعالجة الغاز، وتبلغ قدرته 13 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي في اليوم الواحد، وفق النشرة الاقتصادية الإلكترونية «سيريا ريبورت».

الخط الفاصل

ويأتي التصعيد في دير الزور برغم خط فض اشتباك، الذي أنشأته الولايات المتحدة وروسيا، ويمتد على طول نهر الفرات من محافظة الرقة باتجاه دير الزور المحاذية، لضمان عدم حصول أي مواجهات بين الطرفين.

ولم يمنع خط فض الاشتباك حوادث سابقة بين «قسد» وقوات النظام، خصوصاً حين كانا يخوضان هجومين منفصلين واسعين ضد «داعش» في محافظة دير الزور قبل أشهر.

وتمكنت قوات النظام في ديسمبر 2017 من طرد التنظيم المتطرف من الضفة الغربية للفرات، فيما لاتزال «قسد» تقاتله في آخر جيوب له على الضفة الشرقية.

وأكدت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) الهجوم، قائلة: «في عدوان جديد ومحاولة لدعم الإرهاب، استهدف التحالف قوات شعبية تقاتل إرهابيي داعش ومجموعات قسد في ريف دير الزور».

دور روسي - إيراني

وقال مسؤول عسكري أميركي إنه يشتبه بأن قوات النظام كانت تحاول التقدم ميدانيا والسيطرة على أراض في المنطقة ضمن محاولتها لوضع يدها على آبار النفط الموجودة في «خشام» القريبة من دير الزور، مبينا أن تلك الآبار كانت مصدرا رئيسا من مصادر تمويل «داعش» بين عامي 2014 و2017.

وأشار ضابط أميركي آخر لشبكة «CNN» إلى أنه من غير الواضح حتى الآن هوية القوات الموالية التي شنت الهجوم، مضيفا أن واشنطن تشك في احتمال تورط متعاقدين عسكريين روس كانوا ينشطون على مقربة من المكان في العملية.

ونفى الضابط الأميركي امتلاك أدلة تشير إلى قيام القوات الروسية بإطلاق النار باتجاه «قسد» أو موقع المستشارين الأميركيين، لكنه لم يستبعد إمكان اشتراك قوات مدعومة من إيران في الهجوم».

وبحسب الضابط، فإن واشنطن أخطرت الجانب الروسي بوجود قوات موالية للنظام في المنطقة، قبل أن تقوم تلك الأخيرة بشن هجومها، لافتا إلى أن الجانب الأميركي كان يلاحظ منذ أيام حشد القوات السورية لعناصرها في الموقع.

أصول اقتصادية

واعتبرت وزارة الدفاع الروسية أن قصف القوات الموالية للأسد أظهر حقيقة وجود الولايات المتحدة غير القانوني في سورية بأنه ليس لمكافحة «داعش»، بل للاستيلاء والسيطرة على «الأصول الاقتصادية» للبلاد، مشيرة إلى أن العملية أسفرت عن إصابة 25 مقاتلا فقط.

ولفتت وزارة الدفاع الروسية إلى أن عدم تنسيق القوات الموالية للنظام تحركاتها الاستطلاعية مع روسيا كان سببا لوقوع حادث قصف التحالف لها، مؤكدة عدم وجود عسكريين روس في هذه المنطقة من دير الزور.

وجددت الناطقة باسم «الخارجية» الروسية، ماريا زاخاروفا، تأكيدها أن الوجود الأميركي هو تحدٍ جاد للعملية السلمية والحفاظ على وحدة أراضي سورية.

ووصف النائب الأول للجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، فرانس كلينتسيفيتش، الضربة الأميركية بأنها عدوان لا سابق له، ولا تتفق مع القواعد القانونية، مؤكدا أنه لا يرى خطرا من وقوع مواجهة عسكرية مباشرة بين التحالف الدولي والقوات الروسية المرابطة في سورية.

قمة ثلاثية

وبعد لقائهما الثلاثي الأول بمنتجع سوتشي في نوفمبر الماضي، اتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان، في اتصال هاتفي أمس، على عقد قمة تضم أيضا الرئيس الإيراني حسن روحاني في إسطنبول، لبحث الوضع بسورية، وفق مصدر في الرئاسة التركية.

وإذ أكد المتحدث باسم «الكرملين»، ديمتري بيسكوف، الاتفاق على عقد «لقاء بين الرؤساء الثلاثة، ولم يتم تحديد أي موعد»، أفاد مصدر الرئاسة التركية بأن إردوغان وبوتين اتفقا خلال لقائهما على «تسريع» تثبيت مواقع مراقبة جديدة في محافظة إدلب، في إطار اتفاق خفض التوتر الموقع بأستانة.

وأكد المصدر أن الرئيسين تحدثا عن الوضع الإنساني في الغوطة، و»تقاسما معلومات «حول عملية «غصن الزيتون التي تقودها تركيا ضد وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين.

تحركات كبرى

وفي كلمة بالمجمع الرئاسي في أنقرة، أعلن إردوغان أن التحركات الكبرى والأساسية لم تبدأ بعد، متعهدا بحل مشكلة إدلب بعد الانتهاء من عفرين وإعادة اللاجئين إلى ديارهم بأسرع وقت ممكن. وقال إردوغان: «ما قمنا به حتى اليوم، لا يمكن اعتباره حتى جولات إحماء. وتحركاتنا وحملاتنا الكبيرة،» سننفذها خلال المرحلة القادمة، مشيرا إلى أن قوات الجيش التركي والسوري الحر سيطرتا على 2000 كلم من عفرين حتى الآن.

وإذ جدد إردوغان رفضه الحوار مع الأسد، الذي «قتل مليون إنسان في سورية»، اعتبر المتحدث باسم «الخارجية» التركية، حامي أكسوي، اتهامات وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان لأنقرة بانتهاك القانون وتحميلها مسؤولية مقتل أي مدني أثناء عمليتها في سورية «مؤسفة» و»لا أساس لها». وشدد أكسوي على أن «العملية على عكس ادعاءات الوزير الفرنسي، تمنع إضافة حرب جديدة على الحرب الجارية في سورية»، مضيفا: «ننتظر من حلفائنا أن يدعمونا في مكافحة المنظمات الإرهابية، وعدم القيام باللعبة نفسها عبر أفعالهم وتصريحاتهم».

«محور أستانة» يكثف التنسيق عشية قمة إسطنبول
back to top