رياح وأوتاد: أخبار مفبركة تصنع توجهات وقرارات
ما انتشر من معلومات بأن البنك الدولي أيد فكرة التقاعد المبكر لتوفير فرص وظيفية للشباب، وأن صندوق النقد الدولي أكد أنه لا يوجد عجز في ميزانية الكويت حتى عام 2021، بالإضافة إلى معلومات وأخبار أخرى متعلقة بالميزانية والوضع المالي للبلاد غير صحيح، وذلك بعد الرجوع إلى المصادر الأساسية والتأكد أنها ملفقة.
انتشرت في وسائل الاتصالات معلومات مفادها أن البنك الدولي أيد فكرة التقاعد المبكر لتوفير فرص وظيفية للشباب، وأن صندوق النقد الدولي أكد أنه لا يوجد عجز في ميزانية الكويت حتى عام 2021، بالإضافة إلى معلومات وأخبار أخرى متعلقة بالميزانية والوضع المالي للبلاد. وبناء على متابعتي لهذه الأمور والأرقام المرتبطة بها منذ سنوات وجدت صعوبة في تصديق مثل هذه المعلومات، فقمت بالرجوع إلى المصادر الأساسية، ولم أجد مفاجأة حيث كانت المعلومات المنتشرة كما توقعت غير صحيحة أو حتى ملفقة. فوجدت أن البنك الدولي قد أصدر تقريرا حول اقتراحات التقاعد المبكر في الكويت بتاريخ 6 مايو 2012 ذكر فيه أن التعديلات المقترحة لخفض سن التقاعد ستكون مكلفة على نظام التأمينات الاجتماعية، وأنه من الضروري تقدير الكلفة الحقيقية عن طريق إجراء دراسة اكتوارية، وقال أيضا إنه من الضروري رصد مبالغ بهذه القيمة في صندوق استثمار التأمينات؛ حتى لا يعاني مديونية ضمنية وعجوزات مالية مستقبلا.
وبالنسبة إلى خلق وظائف جديدة قال البنك الدولي إن هذا اعتقاد غير صحيح، وأضاف البنك أن التقاعد المبكر يخرج الفئات التي لديها خبرة ومهارة وهي في قمة العطاء في قطاعات التعليم والصحة وغيرها، وإنه يخلخل الهرم الوظيفي ويخرج القيادات المتوسطة القادرة على التدريب والإدارة، وختم البنك الدولي تقريره بأهمية دراسة بدائل أخرى تأخذ بعين الاعتبار الأثر المالي والاقتصادي؛ مثل تأمين البطالة، ودعم برامج التشغيل التي تدعم تدريب وتشغيل الشباب في القطاع الخاص.وهكذا تبين أن المعلومة الأولى غير صحيحة تماما وأن عكسها هو الصحيح. والأمر نفسه تبين بالنسبة إلى ما نسب إلى صندوق النقد الدولي، حيث ظهر لي أن الصورة التي انتشرت في وسائل التواصل قد تم حذف أرقام وجداول أساسية منها، وأن البيان الختامي لصندوق النقد الذي تم تحديثه في نوفمبر 2017 أكد خلاله أنه يوجد بالفعل عجز في ميزانية الكويت، كما توقع الصندوق أن يستمر العجز حتى عام نهاية الدراسة التي قدمها أي إلى عام 2022. هكذا يتبين أن المعلومة الثانية أيضا غير صحيحة، وقد تكون مفبركة من أجل زرع وإنشاء توجهات معينة في الشعب الكويتي لتضغط بدورها على مُتَّخِذ القرار لكي يصدر القرار بناءً عليها مشوهاً ومناقضاً للمصلحة العامة، ومدمراً لمستقبل أجيالنا. نسأل الله أن يحفظ أجيالنا من الأخبار غير الصحيحة والملفقة. آخر الكلام: أقترح أن يُنشئ مجلس الوزراء لجنة مبسطة لا يتعدى أعضاؤها عدد أصابع اليدين تكون مهمتها الاتصال بسائر وزارات ومؤسسات الدولة؛ لتقوم بكشف جميع المعلومات والأخبار غير الصحيحة والإشاعات المنتشرة في وسائل الاتصال الحديثة بأسلوب شبابي حديث، ويقتصر على تصحيح المعلومات فقط.