إعادة إعمار العراق... كيف ولماذا؟
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
من الطبيعي أن يأخذ المؤتمر وأبعاده ونتائجه نقاشاً واسعاً في العراق، تشاؤماً أو تفاؤلاً، فحال العراق لا تسر، لكن المؤتمر إن نجح في تشجيع الاستثمارات الأجنبية فإن تغييراً كبيراً سيحدث، ليس في إنجاز المشاريع فحسب، ولكن على مستوى البنية الاقتصادية وفلسفتها، ودور القطاع الخاص الأجنبي في التنمية. وهي مسألة تتم مناقشتها في الساحة العراقية، دون تفاؤل كبير بطبيعة الحال، فمعدلات الفساد هي الأعلى في العالم، يضاف إلى ذلك مدى تأثير نتائج المؤتمر على الانتخابات القادمة في مايو. مؤتمرات المانحين في العالم ليست دائماً ناجحة في تحقيق أهدافها، خاصة أنها غالباً ما تركز على السياسة وتنسى التنمية، لكن ربما يكون مدخلها الاستثماري مختلفاً هذه المرة. من المهم ألا تحرف الانتباه آراء موتورة دائمة ضد الكويت كنائبة عراقية جعلت قصة حياتها الافتراء على الكويت، حتى إنها زعمت يوماً ما أن هناك ٢٠ نائباً في البرلمان الكويتي يحملون الجنسية العراقية، هكذا. كما أن من غير الحصافة أن ترتكز مواقف بعض الكويتيين حول المؤتمر انطلاقاً من أغاليط امرأة، وتحميل العراق وأهله أقاويلها الغائبة عن الوعي، فنصبح كمن يهاجم الكويت لأن نائباً صرح تصريحاً غير مقبول. التقدم الكويتي الجاد تجاه العراق هو توجه استراتيجي كما أراه، له علاقة بالثنائية الخاصة بين البلدين، وليس في الترتيبات الإقليمية كما يتصورها البعض. العراق غزا الكويت واحتلها، وسماها المحافظة التاسعة عشرة، وغير أسماء شوارعها، ومستشفياتها ومناطقها، وحتى أرقام سياراتها. تلك تجربة مريرة عشناها وقاومنا المحتل بما تيسر لنا لسبعة أشهر، وبالنسبة لنا كأسرى تأخر تخلصنا من ذلك الكابوس لمدة أطول. فقدنا خيرة الناس فينا بين شهيد ومفقود، وما زلنا نبحث عنهم بين الأنقاض هناك، وهم مقيمون في ضمائرنا لا يبرحونها، احتلوا العين والقلب معاً هنا، فهم باقون هنا. صار علينا أن نسعى بوعي لعدم تكرار ذلك، فأيدينا لم تكن بالماء، بل في وسط النار الحارقة، عشناها تجربة مؤلمة من ألفها إلى يائها، فلا يزايدن أحد على أحد، وتستاهل الكويت. ولذا فإن المؤتمر وعقده في الكويت، ومن قبله أفعال كثيرة، هي خطوات في سبيل ضمان أمن الكويت، ليس بشراء ذمم، وتخريب ضمائر، ولكن بخلق تبادل مصالح على أرض الواقع.