عشية الأحداث الساخنة التي شهدتها المنطقة، أمس، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن قواعد الاشتباك لم تتغير، محذراً سورية وحليفتها إيران من حدوث مواجهة جديدة.

وفي مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته، أثنى نتنياهو على الغارات الواسعة النطاق التي شملت 12 هدفاً سورياً وإيرانيا، قائلاً: "وجهنا ضربات قوية أمس للقوات الإيرانية والسورية، ووضعنا خطوطا حمراء واضحة"، مضيفاً: "أوضحنا للجميع أن قواعد الاشتباك الخاصة بنا لن تتغير بأي طريقة. سنواصل ضرب كل من يحاول ضربنا".

Ad

وتعهد نتنياهو بألا تسمح تل أبيب لإيران بـ"ترسيخ" وجودها العسكري في سورية أو في أي مكان آخر، مؤكداً أنه يريد السلام لكنه سيستمر في الدفاع عن النفس بعزم ضد أي اعتداء.

وقال إنه تحدث مع الملاح الإسرائيلي الذي كان على متن الـ"F16" وأنه بحال جيدة، مضيفاً أن الطيار الذي اصيب يتحسن، وتابع: "أود أن أقول إنني أفتخر بكم أيها المواطنون الإسرائيليون. أثبتنا أمس مرة أخرى أننا نعلم كيف نتلاحم في لحظات الاختبار من أجل صد أعدائنا وصون دولتنا".

وأضاف "نؤدي التحية لطيارينا ولجنودنا ولقادتنا وعلى رأسهم رئيس هيئة الأركان العامة لجيش الدفاع. إنهم يحمون دولة إسرائيل ونفتخر بهم".

استنفار

جاء ذلك، بينما أبقى ​الجيش الإسرائيلي ​على حال التأهب القصوى، ونشر عدة بطاريات لمنظومات صاروخية دفاعية، إضافة الى بطاريات باتريوت المنشورة بشكل دائم في عدة مناطق من البلاد.

قائد الجبهة الشمالية

من ناحيته، أعلن قائد الجبهة الشمالية في الجيش الإسرائيلي الميجر جنرال يؤال سطريك، أمس، أن إسرائيل لن تسمح لإيران بإقامة مراكز أمامية في سورية.

وأضاف سطريك أنه "في السنوات الاخيرة ترسل إيران يدها الطويلة لبسط نفوذها في المنطقة. نرى جهودها لخلق هلال شيعي في الشرق الأوسط. التدخل الإيراني في المنطقة يشكل تهديدا مزعجا ليس فقط لاسرائيل بل للعالم الغربي كله".

وتابع "اننا لن نسمح لإيران بخلق قيادة أمامية في سورية بهدف استهداف إسرائيل وتهديد مواطنيها وزعزعة الاستقرار الإقليمي ووجهنا ليس للتصعيد ولكن القدرات عالية ولن نتردد في استخدامها".

وختم "من يخرق الحدود سيواجه رداً ملائما. من يهدد أمن إسرائيل وسيادتها فسيواجهون جيشا قويا قادرا على تدفيعهم ثمنا ملائما".

واعتبر وزير الاستخبارات إسرائيل كاتز أن تل أبيب بضربها مواقع إيرانية رئيسية في سورية رداً على اختراق طائرة بدون طيار مجالها الجوي، أرسلت رسالة واضحة إلى طهران بأنها لن تتسامح مع أي وجود عسكري أو استخباري لها بالقرب من حدودها، مشيراً إلى أن إيران ستستغرق وقتاً حتى "تدرك وتفهم وتسأل عن كيفية معرفة إسرائيل مواقعها وضربتها".

وأفادت مصادر إسرائيلية بأن سلاح الجو الإسرائيلي مستمر في التحقيق بالحوادث الأمنية وإسقاط مقاتلة "F16" الإسرائيلية في الجبهة الشمالية، لاستخلاص العبر.

وألمحت مصادر إسرائيلية الى احتمال أن يكون اسقاط المقاتلة الاميركية الصنع قد سقطت بسبب خطأ طيار رغم أن التقارير تؤكد أن أكثر من 25 صاروخاً سورياً أطلق باتجاهها.

وللمرة الأولى، اعترفت اسرائيل علنا بشن مئات الغارات في سورية. ونقلت وسائل اعلام إسرائيلية عن قائد القوات الجوية الاسرائيلية قوله، إن بلاده قامت بآلاف العمليات فوق سورية في العام الماضي، مضيفاً أن الطائرة الإيرانية المسيرة (درون) التي اسقطت كانت على قدر عال من التطور وتستخدم التكنولوجيا الحديثة. ورجح خبراء أن الطائرة المسيرة صممت على غرار نموذج أميركي.

قاعدة تدمر

وفي تعقيب على أوسع هجوم له على أهداف عسكرية في سورية منذ عام 1982، أكد الجيش الإسرائيلي أن "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني تسلم منذ زمن بعيد من دمشق إدارة مطار "T4" العسكري المعروف أيضاً باسم "التياس" غرب مدينة تدمر الأثرية في ريف حمص الشرقي ويتخذه قاعدة له.

وإذ نشر الجيش صوراً تظهر طائرة إيرانية مسيّرة في مطار "T4"، نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن مسؤول عسكري أن الحرس الثوري يستخدم المطار لنقل أسلحة حديثة إلى عناصر موالين للنظام و"حزب الله" وميليشيات إيران كجزء من عملية حشد ضد إسرائيل.

تحقيق وخريطة

ولاستخلاص العبر، عكف سلاح الجو الإسرائيلي على التحقيق بالحوادث الأمنية وإسقاط المقاتلة "F-16" عن طريق الدفاعات الجوية السورية في الجبهة الشمالية.

ونشر الجيش الإسرائيلي خريطة تظهر أماكن انتشار بطاريات الدفاع الجوي السورية، وأنواع المنظومات التي تصدت لمقاتلاته، وهي تبين أن القوات السورية أطلقت النيران على الطائرات المهاجمة من أربعة أنواع أسلحة سوفياتية أو روسية الصنع، وخاصة منظومات "سام-6" ("كوب") المنتشرة في محافظة حمص، ومنظومات "إس-200"، و"بوك إم-2"، و"إس-125 نيفا/بيتشورا" المنتشرة في أرياف دمشق، والمنظومات الصاروخية المنتشرة في ضواحي دمشق.

وشملت العملية الإسرائيلية 12 موقعاً وهي: مطار التيفور، الذي توقف عن العمل مؤقتا نتيجة للغارات ومطار المزة العسكري جنوب غربي دمشق وجبل المانع شرقي مدينة الكسوة جنوب دمشق ومواقع في مناطق الديماس ومضايا وسرغايا شمال غربي العاصمة وقاعدة الفرقة الـ104 للحرس الجمهوري شمال غربي دمشق وتل أبو ثعالب جنوب السيدة زينب جنوب دمشق وفوج الدفاع الجوي في جبال القلمون قرب الحدود اللبنانية وثلاث قواعد عسكرية شمال درعا.

ورأى وزير التعليم ا​لإسرائيلي ​نفتالي بينت​ أن "معركة مقبلة مع ​لبنان​ ستشهد إطلاق أعداد كبيرة من الصواريخ على شمال إسرائيل ووسطها". واعتبر أن "معركة أخرى في لبنان ستؤدي إلى أضرار بالجبهة الداخلية لم يحدث مثلها منذ حرب الاستقلال"، مشددا على ضرورة "القيام بكل شيء لمنع أي معركة مقبلة مع لبنان".

شمخاني

واعتبر أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، أن إسقاط الدفاعات الجوية السورية المقاتلة الإسرائيلية يشير إلى أن أي خطأ ترتكبه إسرائيل في المنطقة لن يبقى من دون رد.

وقال شمخاني، على هامش مشاركته في مسيرة حاشدة بمناسبة الذكرى الـ39 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران، إن "إسقاط الطائرة الإسرائيلية من المضادات السورية غيّر معادلة عدم توازن القوى في المنطقة".

وبعد الهجوم، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيثر ناورت أن "الولايات المتحدة قلقة جدا من تصاعد العنف على حدود إسرائيل، وتدعم بشدة حقها السيادي في الدفاع عن نفسها"، مؤكدة أن "التصعيد المحسوب للتهديد الإيراني، إضافة إلى طموحها لبسط سلطتها وهيمنتها، يعرضان جميع شعوب المنطقة للخطر وفي اليمن ولبنان".