غداة الأحداث الساخنة الأخيرة التي شهدتها المنطقة، أبقى الجيش الإسرائيلي، أمس، على حال الاستنفار، في وقت انهمكت الحكومة الإسرائيلية الأمنية المصغرة في دراسة وتقييم ما جرى، والإعداد للخطوة التالية، وسط إجماع المراقبين داخل تل أبيب على أن معادلة الردع الإسرائيلية تضررت، وأن حركة الطيران الإسرائيلي فوق الأجواء السورية قد تتقيد، بعد إسقاط الدفاعات الجوية السورية، بدعم إيراني، مقاتلة F16 إسرائيلية. وقال مراقبون إن الحكومة المصغرة انقسمت بين الداعين إلى إعادة ترميم قواعد الاشتباك القديمة من خلال تكرار الغارات داخل سورية، وتوجيه ضربات أقوى، وبين من دعا إلى المبادرة لإعداد خطة لإرساء معادلة ردع جديدة في مقابل إيران ووجودها المتصاعد بسورية.
في هذا الإطار، وبينما تعزو المؤسسة العسكرية الإسرائيلية سقوط الـ F16 إلى خطأ من الطيار، أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن قواعد الاشتباك لم تتغير، محذراً سورية وحليفتها إيران من مواجهة جديدة.وشدد نتنياهو على أن بلاده وجّهت «ضربات قوية للقوات الإيرانية والسورية، ووضعنا خطوطاً حمراء واضحة»، متعهداً بمواصلة العمليات داخل سورية.وفي وقت قال عضو مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر يوفال شتاينتز إن الطائرة الإيرانية المسيرة، التي كانت سبب اشتعال الوضع وأسقطها الجيش الإسرائيلي، مصممة على نفس طراز الطائرة الأميركية «أر كيو-170»، التي أُسقطت في إيران عام 2011، اعتبر أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، أن إسقاط الدفاعات الجوية السورية المقاتلة الإسرائيلية يشير إلى أن أي خطأ ترتكبه إسرائيل في المنطقة لن يبقى من دون رد.
وذكر مصدر مطلع لـ«الجريدة» أن أحد مساعدي قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري، قال إن إسرائيل خالفت اتفاقية بين موسكو وواشنطن على إبعاد الإيرانيين والسوريين وحلفائهم أسلحتهم الثقيلة وبطاريات صواريخهم ومعامل الأسلحة إلى حزام يبعد أربعين كيلومتراً عن الحدود الإسرائيلية، بضربها قاعدة «التيفور»، وذكَّر بالتهديد الأخير الذي أبلغه الرئيس السوري بشار الأسد لنظيره الروسي فلاديمير بوتين في حال واصلت إسرائيل غاراتها بسورية. وأضاف المصدر أن المسؤول الإيراني حمل واشنطن مسؤولية المواجهة التي حدثت أخيراً في دير الزور، وذكر أنها خالفت اتفاقية على عدم دخول المناطق التي تضم آبار بترول قبل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، وأكد أن الغارة الأميركية كانت أحد أسباب إرسال إيران طائرة الدرون إلى إسرائيل لاستدراجها إلى كمين جوي. وأوضح أن هذا المسؤول في «فيلق القدس» شدد على أن العملية تمت من دون إبلاغ روسيا مسبقاً، وأكد أن عنصرين من فرقة الهندسة الفضائية للحرس الثوري أصيبا بجروح خلال القصف الإسرائيلي الانتقامي.إلى ذلك، نقلت مصادر مطلعة عن أحد مستشاري وزير الخارجية الإيرانية تأكيده أن الحكومة الإيرانية تعارض التصعيد في سورية، وخاصة مع إسرائيل، في الظروف الحالية، لكنها تريد تثبيت وجودها في سورية؛ لأن الروس بدأوا الضغط عليها للقبول بالخروج منها بعد الوصول إلى أي حل سياسي للأزمة هناك.