«من دون قصد»... يُعلي قيمة الحرية
عُرض على مسرح الرجيب
تمضي فعاليات وليالي مهرجان الكويت الدولي للمسرح الأكاديمي في دورته الثامنة، والذي ينظمه المعهد العالي للفنون المسرحية على مسرح حمد الرجيب- مقر المعهد. ونحن على بُعد أمتار من الختام، تزداد وتيرة المنافسة بين طلاب المعهد في تقديم أفضل ما لديهم، ومساء أمس الأول كنا على موعد مع مسرحية "من دون قصد"، من تأليف مريم نصير، إخراج بدر الحلاق، تمثيل: سعود بوعبيد، محمد أكبر، بدر البناي، هاني الهزاع، مصطفى محمود، محمد الأنصاري، محمد البلوشي، محمد ملك، وتصميم الديكور محمد الشطي، والإضاءة حسين الحداد، والأزياء حصة العباد، ومساعد مخرج عبدالله الشواف.ولليوم الثاني على التوالي يذهب طلاب المعهد إلى أحد نصوص الكاتبة مريم نصير، وهي من مخرجات هذا الصرح الأكاديمي، وأصبحت لها بصمة واضحة في الوسط الفني، ما يعكس أهمية الدور الذي يلعبه المعهد العالي في رفد الساحة الفنية بالعديد من الكوادر المميزة.
وأيضا من اللافت في هذه الدورة، أن أغلب الموضوعات التي طُرحت للنقاش، من خلال الأعمال المسرحية، تدور في فلك اجتماعي إنساني بحت. وما يميز هذه الدورة طابعها المحلي، الذي يفسح المجال أمام اكتشاف العديد من الأسماء في مختلف عناصر العمل المسرحي.وبالعودة إلى "من دون قصد"، تطرح الكاتبة من خلال المسرحية مجموعة من التساؤلات ترجمها المخرج، مستغلا أدواته، لاسيما عنصر التمثيل، فماذا يحدث للإنسان عندما يُتهم باقتراف جريمة لم يرتكبها؟ وكيف تصبح ردة فعله عندما يجد نفسه حبيس أربعة جدران صماء يتجرع مرارة الظلم ويكابد ومن يشاركه هذه المأساة شتى أنواع القهر؟ وداخل السجن، حيث يتساوى الظالم والمظلوم، تنطلق أحداث العمل، وتتشابك الخيوط المعقدة لمجموعة من الشخصيات الملقاة على هامش المجتمع، ونتعرف على معاناة كل منهم، وكيف وصلوا إلى غياهب السجن. ومن خلال الصراع التقليدي بين السجان والسجين يتكشف لنا كيف يُعلي العمل من قيمة الحرية، وعندما تصل الأحداث إلى ذروتها تتجلى القيمة التي يسعى الكاتب إلى إيصالها، فنحن مسؤولون عن تصرفاتنا في الحياة، سواء عند توصيل نائب إلى قبة البرلمان، أو امتداح وزير، أو الدفاع عن أشخاص في أي اتجاهات دون قراءة منطقية للحدث.وعلى مستوى الرؤية، أجاد المخرج في الاشتغال على عنصر التمثيل، فجاء أداء الممثلين متزنا، واتضح مدى انسجامهم، لاسيما مع حفاظهم على الإيقاع، وإن شاب الأداء الصوتي خلل، حيث يحتاج بعضهم إلى الاشتغال على التلوين الصوتي، فيما كانت السينوغرافيا إحدى النقاط المضيئة، بدءا من الديكور، الذي رغم بساطته، غير أنه كان معبِّرا، واستغله المخرج، كزنزانة تارة، وكموقع لمكتب السجان تارة أخرى، في حين شكلت الإضاءة عنصرا مهما للتعبير عن أجواء السجن، وكانت بؤرة انطلاق للكثير من الأحداث، خصوصا عند دخول السجين لأول مرة فناء السجن، وكذلك في حالات التعذيب.