كان من الضروري ألا تنفرد الولايات المتحدة بـ "رعاية" عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لأنها، حتى قبل أن يرتكب دونالد ترامب هذه "الموبقة" بحق الفلسطينيين والعرب والمسيحيين والإنسانية، ليست وسيطاً نزيهاً، كما أنها بالأساس وفي كل العهود تصرفت وبقيت تتصرف على أنها أكثر صهيونية من كل الذين أسسوا الحركة الصهيونية، ولولاها ومعها بعض الدول الأوروبية لما قامت هذه الدولة المصطنعة التي غدت تحتل فلسطين كلها، والتي باتت تهدد الشرق الأوسط كله وبكل دوله العربية.من غير المنطقي ولا السياسي ألا تكون الولايات المتحدة، سواء في عهد ترامب أو قبله وبعده، شريكاً رئيساً في عملية السلام بالشرق الأوسط، فهذا غير معقول على الإطلاق، فأميركا هي الوحيدة التي لديها قدرة فعلية على ممارسة ضغط على الإسرائيليين لحملهم على الانصياع لمتطلبات حل مقبول ومعقول مع الشعب الفلسطيني، والحل المقبول والمعقول هو قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا هو المطروح الآن لا أكثر.
وعليه فالمؤكد أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) يعرف هذه الحقيقة، أنه من غير الممكن ألا يكون لأميركا دور رئيس في عملية السلام بالشرق الأوسط، وأن كل ما يريده هو ليس إخراج الأميركيين من العملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إنما "كسر" هيمنة الولايات المتحدة، وخاصة في عهد هذه الإدارة، على هذه العملية، لأنها أثبتت أنها ليست وسيطاً نزيهاً.وهكذا، فإن ما يريده الفلسطينيون، ومعهم العرب المعنيون كلهم، هو عدم انفراد أميركا بهذه العملية التي - حتى تكون عادلة وناجحة - لابد من مشاركة روسيا الاتحادية فيها وإلى جانبها، أو ليس بالمستوى نفسه، بريطانيا وفرنسا، وأيضاً الصين، ولمَ لا؟ فهي دولة عظمى ولها مصالح "استراتيجية" في هذه المنطقة، مثل غيرها، وهي بالأساس في طليعة الدول المؤيدة للحقوق الفلسطينية المشروعة.والواضح أن الأميركيين، في ضوء تصاعد الصدام بينهم وبين الروس في سورية وبالشرق الأوسط، لا يمكن أن يتخلوا عن أنهم اللاعب الوحيد والمهيمن على عملية السلام المستعصية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن القيادة الفلسطينية بدورها لا يمكن أن تبقى تقبل بوسيط غير نزيه هو "الخصم والحكم" في الوقت نفسه، فهذا الصراع، إضافة إلى أنه عربي – إسرائيلي، هو صراع دولي، وهو مشكلة دولية إن لم تكن تهم العالم كله، فبالتأكيد تهمّ الدول الكبرى، وفي مقدمتها روسيا الاتحادية وفرنسا وبريطانيا والصين.
أخر كلام
وروسيا «لاعب» رئيسيٌّ أيضاً!
14-02-2018