أكّد المنتج محمد العدل أن ما أعلنته لجنة الدراما في مصر برئاسة محمد فاضل لن يمر مرور الكرام، وقد أصدرت جبهة الإبداع بياناً ردت فيه على ما جاء في توصيات حول الموضوعات الواجب تناولها ورفضها جملة وتفصيلاً، موضحاً أن مؤتمراً صحافياً سيُعقد في القريب العاجل لشرح تبعات ذلك على صناعة الدراما، وأن «ما أعلنته اللجنة غير مُلزم لنا ولا لأي مُبدع».بدوره ذكر الكاتب أيمن عبد الرحمن أنه لم يسمع في دول العالم عن لجان تُدير الفن، لأن أولى سماته الحرية، كذلك التعبير عن وجهة نظر المبدع الخاصة، و«إذا نزعنا عن الفن الحرية يصبح أي أمر آخر» إلا الفن.
وأضاف عبد الرحمن أنه واجه مثل هذه اللجان في المسرح عند عرض «رجل بلا أجندة» وعانى توصياتها وملاحظاتها التي تُعرقل الأعمال والإبداع، وتابع: «على الدولة أن تهتم بجهات الإنتاج التي تمتلكها مثل «قطاع الإنتاج، وصوت القاهرة، وجهاز السينما، ومدينة الإنتاج»، مشيراً إلى أن هذه الجهات بلا عمل الآن ولها ميزانيات كبيرة تضيع في المكافآت والبدلات، «فالأولى بها أن تعيدها إلى الإنتاج الفني وتقدم من خلالها ما تريد من أعمال إرشادية موجهة وتترك الحكم عليها للجمهور بدلاً من التوقف عن العمل والتفرغ لمنع من يعمل ويقدم فناً».
مسؤولية الفن
رأى المخرج محمد حمدي أن الدولة بمؤسساتها وما يتبعها من هيئات ولجان، تحاول أن تحمّل الفن فشل مؤسسات أخرى كالتعليم والثقافة والإعلام والصحة، مؤكداً أن الفن ليس مسؤولاً عن تردي أخلاق بعض المصريين، ولا انتشار الفساد والبلطجة، بل ثمة أسباب كثيرة اقتصادية واجتماعية لا بد من حلّها.وأضاف حمدي أن في أميركا حيث التقدّم العلمي ثمة فن جيد وآخر سيئ، وفي الحالات كافة الفن ليس مسؤولاً عن ظهور علماء أو مجرمين، مؤكداً أن أولى سماته الحرية، وما تحاول أن تصنعه هذه اللجنة نزع الحرية والإبداع عن الأعمال الفنية، وهو قرار من الغريب أن يصدر من أسماء لها علاقة بالفن والإبداع ونكن لها كل احترام وتقدير.وأشار إلى أن المنع أصبح مستحيلاً في هذا الزمن، مع جيل يشاهد أحدث الأعمال الأميركية فور نزولها، مؤكداً أن ثمة جهة وحيدة تشاهد الأعمال الفنية وهي الرقابة التي تُبدي ملاحظاتها ونناقشها، فضلاً عن التصنيف العُمري لعرض الأعمال، أما غير ذلك فهو محاولة للقضاء على الفن بحجة الحفاظ على قيم المجتمع.رأي النقد
أكدت الناقدة ماجدة خير الله أن ما يحدث كارثة بالمقاييس كافة، وقد يؤدي إلى موت صناعة الدراما في مصر، لأن أي مُبدع حقيقي لن يقبل بهذا التوجيه وسيلجأ إلى أية دولة عربية ويقدم فنه من خلالها وستختفي في مصر صناعة الدراما التي نفخر بها.وأضافت أن في أسوأ الفترات التي مرّت على الإبداع لم يحدث مثل هذا الأمر، ربما حصل بعض المنع أو الحذف أو التعديل كما أعمال كثيرة تعرضت لها الرقابة، ولكن لم تظهر لجنة أو جهة ما تحدّد الموضوعات التي يجب أن تُقدمها الدراما التلفزيونية. على النقيض، أكدت الناقدة خيرية البشلاوي، العضو في لجنة الدراما أنه لوحظ في السنوات الأخيرة خروج الدراما التلفزيونية عن مسارها الطبيعي وتحولها إلى سلاح فتاك هدفه هدم المجتمع وقيمه، وكلنا يعلم حجم الأموال التي ضُخت في هذا المجال بهدف نشر أفكار بعيدة عن قيم المجتمع تهدف إلى طمس الهوية المصرية.وأضافت البشلاوي أن اللجنة مجرد بوصلة أو تفكير بصوت عال لما يجب أن تكون عليه الدراما التلفزيونية بعدما وصلت إلى مرحلة لا يمكن السكوت عليها.وأضافت: «نحن نحترم حرية الإبداع والتعبير ولا يمكن أن نحجر عليها ولا نطالب بتحوّل الفن إلى شعارات أو التهليل للحكومة، ولكن نهدف إلى عودة الدراما إلى دورها الريادي والتنويري كما كانت في زمن سابق».الناقدة أشارت أيضاً إلى أن اللجنة أصدرت بعض التوصيات منها عدم البدء في تصوير أي عمل درامي إلا بعد أن تُجيز الرقابة جميع حلقاته، لإتاحة الفرصة لتقييم العمل وحذف ما قد يتعارض مع قيم المجتمع من ألفاظ أو مشاهد كما حدث في أعمال كثيرة استكملت كتابة حلقاتها أثناء التصوير، ما لم يسمح بمراجعة النص وإجازته.لا تقييد للحريات
نفى المخرج الكبير محمد فاضل ما تردد حول اتجاه لجنة الدراما إلى تقييد الحريات والإبداع مؤكداً أنه مخرج وفنان في المقام الأول، ولا يقبل بأي تقييد للحريات وأن ما تسعى إليه اللجنة وضع آليات وأولويات للعمل الدرامي لتقديم أعمال هادفة تسعى إلى بناء المجتمع وليس هدمه.وأضاف فاضل أن ما تُصدره اللجنة مجرد توصيات غير مُلزمة لأي فرد، وأن ثمة جهة وحيدة تشاهد الأعمال الفنية وتقرر عرضها أو منعها، مؤكداً أيضاً أن اللجنة ستعقد مائدة مستديرة تضمّ مؤلفين وكُتاباً ومخرجين لسماع الآراء كافة في هذا الأمر مع ضمان حرية الإبداع والتعبير.