حب
عندما نحصر الحب في العلاقة الرومانسية بين الرجل والمرأة، فإننا نخسر الكثير. للحب أطياف كثيرة ومتنوعة تملأ هذا العالم الشاسع، فتلونه بألوان الحياة وتحييه بالقيمة والمعنى. فحب العائلة وتقدير جهودها المبذولة على الرغم من وجود الاختلافات الحتمية في التفكير ووجهات النظر هو مثال رائع للحب غير المشروط، ودرس كبير في التعايش والقبول، وهي المودة الأزلية المرتبطة بمصيرنا البيولوجي منذ لحظة ميلادنا.أما حب الأصدقاء فهو حب مخلص طويل الأمد، وفيه من الحرية والراحة الشيء الكثير، حيث لا تتطلب الصداقة الكثير من المجهود، فالصداقة الحقيقية تخلو من "الشرهة" الثقيلة، وإن تخللها بعضٌ من العتب اللطيف.
ولا يوجد أنقى من حب الأطفال والطبيعة من حولنا من شجر وطير وحيوان، تلك الكائنات الرقيقة هي الأكثر عرفاناً لمحبتك، تملأ حياتك سعادةً بلطفها وعفويتها، فلا تبخل عليها بالحب. ولا ننسى حب الذات- البعيد عن الأنانية والغرور- فهو مهم جداً، حيث إن علاقتك مع ذاتك تشكل علاقاتك مع الآخرين، فعامل ذاتك بلطف وتفهّم ولا تجلدها عند الخطأ، وستتحسن علاقاتك بالآخرين تلقائياً.عندما تشعر أن حياتك تفتقر للحب، انظر وستجده من حولك في تلك الأعين المتعطشة للاهتمام، وفي تلك النفوس الممتلئة "بالسوالف" والتي تنتظر آذاناً صاغية متفهّمة أصبح وجودها نادراً في زمن الأنانية والانشغال.أساس الحب هو التقدير، ومتعة عطائه تفوق أخذه بمراحل. قم بتقدير من حولك في بيئتك اليومية المباشرة من إخوة وأصدقاء وزملاء عمل وعمّال بسطاء، وأعطهم من وقتك واهتمامك الصادق، ولا تنسَ بناء جسور الوصال مع أعزّائك الذين أبعدتهم ظروف الحياة عنك. فبالإضافة إلى الشعور الرائع الذي يرافق عطاء الحب دون توقعات، هنالك مردود آخر جميل، وهو أن تجد شبكة الدعم تشجعك وتحتويك عند مرورك بمشكلة أو ظرف ما، حتى دون أن تطلب منهم ذلك.لكل نوع من الحب نكهة خاصة تميزه، فالحب هو صديق حميم يفهم ما يدور في ذهنك من نظرات عينيك، والحب هو قط الشارع الذي آويته، فأصبح ينتظر وصولك من العمل كل يوم، الحب هو طفل يسعد بإطرائك على رسوماته الجميلة. إن الحب أبسط من جبل التوقعات الهائل ذاك المشوب بصور سطحية تبنيناها من إعلام تافه، ثم ألقيناها عبئاً على عاتق من نحب! "الحب" كلمة جميلة ابتذلتها كثرة الاستخدام في غير موقعها، فليكن حبك حراً سامياً. عبر عن تقديرك لمن تحب من حولك قبل فوات الأوان، فالأيام تسيل سيل الزئبق.