وسط التوتر بين لبنان واسرائيل بشأن الحدود البحرية والبرية (البلوك 9 والجدار الحدودي)، والتوتر بين إسرائيل من جهة، وسورية وإيران وحزب الله من الجهة الأخرى، بعد أحداث السبت الماضي وإسقاط المقاتلة الإسرائيلية، أجرى وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أمس، زيارة استمرت بضع ساعات إلى العاصمة اللبنانية بيروت، بحث خلالها تلك العناوين العريضة بالتفصيل، إلى جانب العلاقات الثنائية بين البلدين.

واستهل تيلرسون، القادم من عمان وقبلها الكويت، جولته في بيروت بلقاء رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون في قصر بعبدا، حيث أجرى معه جولة محادثات بحضور وزير الخارجية جبران باسيل.

Ad

وأكد عون خلال المحادثات، أن «على أميركا العمل على منع إسرائيل من استمرار اعتداءاتها على السيادة اللبنانية البرية والبحرية والجوية، والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701»، مشدداً على «أننا متمسكون بالحدود اللبنانية ونرفض ادعاءات إسرائيل بملكية أجزاء من المنطقة الاقتصادية الخالصة في المياه اللبنانية». أضاف: «ملتزمون الهدوء على الحدود الجنوبية ولا نريد الحرب مع أحد في حين إن إسرائيل تواصل اعتداءاتها علينا، وذاكرة الجنوبيين لا تزال حية حيال حروبها، لذلك ندعو الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى لعب دور فاعل في هذا المجال، ونشكر أميركا على دعمها للقوى المسلحة اللبنانية، وكما حررنا الأرض من المجموعات الإرهابية، سنواصل العمل على تفكيك الخلايا المتبقية منها من خلال العمليات الأمنية الإستباقية».

ودعا عون «أميركا إلى المساعدة في تأمين عودة آمنة ومتدرجة للسوريين إلى بلادهم والعمل من أجل إقرار حل سلمي للأزمة السورية يعيد الأمن والاستقرار إلى سورية ويضع حداً لمعاناة النازحين السوريين في الدول التي حلوا فيها».

وبعد اللقاء، دوّن الوزير الأميركي كلمة في السجل الذهبي للقصر قال فيها: «الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب اللبناني من أجل لبنان حر وديمقراطي ونأمل بمستقبل مستقر ومزدهر».

عين التينة

ثم زار الوزير الأميركي رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقره في عين التينة، وعقد معه جولة محادثات استمرت نحو ساعة. وتناول البحث المساعدات الأميركية للجيش اللبناني وموضوع الحدود البرية والبحرية الجنوبية للبنان، إذ استحضر بري «الخروقات الإسرائيلية اليومية ونيّة إسرائيل بناء الجدار الأسمنتي في نقاط داخل الأراضي اللبنانية وادعاءاتها في المنطقة الاقتصادية الخاصة»، مؤكداً على «عمل اللجنة الثلاثية التي تنعقد دورياً في مقر الامم المتحدة في الناقورة وتجربتها في الخط الازرق لاستكمالها في الترسيم البحري وبمساعدة الولايات المتحدة لا سيما أن إسرائيل لا تعترف بالمحكمة الدولية لقانون البحار ولم توقع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار أيضاً».

كما شرح بري للمسؤول الأميركي «التشريعات والقوانين التي صادق عليها المجلس النيابي والمتعلقة بالحركة المالية والنقدية والمصرفية وفق المعايير العالمية التي لا تستدعي مزيداً من الإجراءات أو التدابير تجاه لبنان».

وأكدت السفارة الأميركية في بيان، أمس، أن «تيلرسون أعاد التأكيد لبري على أهمية الشراكة الأميركية-اللبنانية الوثيقة فيما يعمل البلدان معاً لتحقيق أهداف مشتركة تعزّز سيادة لبنان واستقراره وازدهاره».

السراي الكبير

وختم الوزير الأميركي جولته في السراي الكبير، حيث أولم على شرفه رئيس الحكومة سعد الحريري، قبل أن يعقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً. وأكَّد الحريري، خلال المؤتمر «التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس، وسعيه إلى أفضل العلاقات مع الدول العربية». وقال: «إسرائيل تنتهك أجواءنا وتزيد بالخطاب التصعيدي، ونحن أكَّدنا لتيلرسون أننا نريد وقفاً دائماً للنار معها، وطلبت منه العمل على إبقاء الحدود الجنوبية هادئة، ولدى لبنان الحق في استكشاف موارده الطبيعية في مياهه الإقليمية».

من جهته، أعلن تيلرسون «التزام الولايات المتحدة بمساعدة لبنان والشعب اللبناني للازدهار من خلال الثروات الطبيعية وبالاتفاق مع الدول المجاورة»، مؤكداً «دعم أميركا للقوات الدولية العاملة في لبنان، والعمل مع الجيش في مواجهة تنظيمي داعش والقاعدة». وأشار تيلرسون إلى أنَّ «أميركا تعتبر حزب الله منظمة إرهابية، ولا تفرق بين أذرعه السياسية والعسكرية، والجيش اللبناني هو الوحيد المخوَّل الدفاع عن لبنان»، داعياً «حزب الله» إلى «وقف أنشطته في الخارج».

وقال: «رسالة الولايات المتحدة هي أننا نقف بشدة إلى جانب لبنان ومؤسساته الشرعية، وهذه الزيارة هي فرصة للتأكيد على الروابط الوثيقة في البلدين، ولبحث ما يمكن فعله للتصدي للتحديات التي تواجه المنطقة».

وشدَّد تيلرسون على «ضرورة تمسك المسؤولين اللبنانيين بسياسة النأي بالنفس عن الصراعات في المنطقة»، لافتاً إلى أهمية «الوصول إلى اتفاقية في مسألة الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان»، وقال: «لم نطلب من أي من الطرفين التخلي عن أي شيء، لكن طلبنا إيجاد حلول».

وشدّد على أنّ «وجود حزب الله في ​سورية​ زاد من سفك الدماء ومن نزوح الأبرياء ودعم نظام الرئيس السوري ​بشار الأسد​ البربري»، مؤكّداً «ضرورة أن تنأي حكومة لبنان عن النزاعات الخارجية».