بعد أسابيع شهدت تصاعداً في حدة لهجتها تجاه شريكتها في حلف شمال الأطلسي، قدمت تركيا مقترحاً للولايات المتحدة لإعادة تطبيع العلاقات يتضمن سحب وحدات حماية الشعب الكردية إلى شرق نهر الفرات في سورية وتمركز قوات تركية وأميركية في منبج.

ووفق مصدر تركي مسؤول، فإن الاقتراح تم عرضه، أمس الأول، على وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، مؤكداً أن واشنطن أخذت الطلب بعين الاعتبار، ولم ترد بعد عليه.

Ad

وفي اجتماع مغلق دام ثلاث ساعات، أطلع الرئيس رجب طيب إردوغان تيلرسون على أولويات تركيا في المنطقة «بكل وضوح»، وخصوصاً في سورية والعراق ومكافحة الإرهاب وأيضاً باللائحة الطويلة من المسائل الخلافية التي تسمم العلاقات بين الحليفين في «الأطلسي»، مطالباً بـ«التركيز على كيفية المضي قدماً إلى الأمام».

واكتفى متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بالقول، إنه كانت هناك «محادثة مثمرة ومفتوحة» بين إردوغان وتيلرسون «بهدف إتاحة تقدّم بشكل يصب في مصلحة البلدين»، آملاً «تحقيق مزيد من التقدم».

آلية جدية

ولاحقاً، اتفق تيلرسون مع نظيره التركي مولود جاويش أغلو على حل الخلافات عن طريق الحوار وتشكيل آلية جدية لمحاربة الإرهاب وتكوين منطقة آمنة شمال سورية وحماية الحدود التركية.

وفي مؤتمر صحافي مشترك، أكد تيلرسون أن الولايات المتحدة وتركيا «لديهما الأهداف نفسها في سورية» وأهمها إنشاء منطقة آمنة وإقامة دولة ديمقراطية وهزيمة تنظيم «داعش»، مكرراً دعوته لأنقرة إلى «ضبط النفس» في عملية «غصن الزيتون» التي تشنها ضد الوحدات الكردية المتحالفة مع واشنطن، في عفرين.

وعن تسليح واشنطن لحلفائها الأكراد، أوضح تيلرسون أن الأسلحة المقدمة لتلك القوات محدودة وهدفها القضاء على التنظيمات «الإرهابية» بسورية.

وإذ اعتبر زيارة تيلرسون نقطة حاسمة، أوضح جاويش أوغلو، أن الطرفين قررا «وضع آليات» لتطبيع العلاقات وإعادتها إلى مسارها، مؤكداً أنه سيكون بوسع أنقرة اتخاذ خطوات مشتركة مع واشنطن في سورية بمجرد مغادرة وحدات الحماية الكردية مدينة منبج.

وأوضح جاويش أوغلو، أن أنقرة تنتظر من واشنطن وقف دعم حزب الاتحاد الديمقراطي السوري الكردي ووحدات حماية الشعب الكردي، وانسحابهما من مدينة منبج وتسليم زعيم «الكيان الموازي» فتح الله غولن، الذي تتهمه بتدبير عملية الانقلاب، مبيناً أن تلك المسائل تؤثر على أمن تركيا القومي وتسهم في بناء الثقة بين الجانبين.

المرتزقة الروس

وعلى المقلب الآخر، أفادت ثلاثة مصادر مطلعة بأن نحو 300 روسي يعملون لمصلحة شركة عسكرية خاصة مرتبطة بالكرملين، إما قتلوا أو أصيبوا في الضربة الأميركية على حلفاء الرئيس بشار الأسد بدير الزور في السابع من فبراير. وأكد طبيب عسكري روسي أن نحو 100 قتلوا وأن 200 أصيبوا، بينما قال مصدر يعرف العديد من المقاتلين، أن عدد القتلى يتجاوز 80.

وتظهر الاشتباكات مع واشنطن وخلفائها أن حملة روسيا في سورية أكبر مما تقول، وتجازف باستدراجها إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة هناك.

وهذا أكبر عدد من الضحايا الروس يسقط في معركة واحدة منذ وقوع اشتباكات ضارية في أوكرانيا عام 2014 عندما قتل أكثر من 100 مقاتل.

وذكرت 5 مصادر مطلعة أن المصابين الذين جرى إجلاؤهم من سورية في الأيام القليلة الماضية نقلوا إلى أربع مستشفيات عسكرية روسية.

وقال يفغيني شاباييف، رئيس الفرع المحلي لمنظمة كوساك شبه العسكرية والذي له علاقات بالمتعاقدين العسكريين الروس، إنه زار معارف له أصيبوا بسورية في المستشفى المركزي التابع لوزارة الدفاع في خيمكي على مشارف موسكو يوم الأربعاء. وأبلغوه أن وحدتي المتعاقدين الروس المشاركتين في المعركة قرب دير الزور تتألفان من 550 رجلاً. وقال له المصابون، إن نحو 200 من هذا العدد لم يقتلوا أو يصابوا. ومرة جديدة، نفى المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوفأمس امتلاكه معلومات جديدة عن المتعاقدين مع الجيش الروسي أو عدد قتلاهم في الضربة الأميركية.

ضربة وهدنة

على صعيد متصل، اعتبر العسكريون الإسرائيليون أنهم تمكنوا من تدمير نحو نصف قوات الدفاع الجوي السورية خلال ضربات شنتها تل أبيب نهاية الأسبوع الماضي رداً على اختراق طائرة مسيرة إيرانية مجالها الجوي يوم السبت.

وقال مصدر في الجيش الإسرائيلي، لوكالة «نوفوستي»، «بحسب تقديراتنا الأولية، وأشدد على كلمة «أولية»، حيّدنا نحو نصف قوات الدفاع الجوي السورية. وسنعمل على التأكد من صحة هذه التقديرات».

وبينما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بخروج المركز الطبي السابع في إدلب عن الخدمة بضربة جوية روسية، وزعت الكويت والسويد على أعضاء مجلس الأمن نسخة معدلة من مشروع قرار يدعو إلى هدنة 30 يوماً في سورية وذلك بهدف الحصول على موافقة موسكو عليه.

ويوضح النص الجديد أن هذه الهدنة لن تشمل تنظيمَي «داعش» والقاعدة. ومن شأن ذلك السماح لروسيا والنظام بمواصلة عملياتها العسكرية، وخصوصاً في محافظة إدلب.