بالعربي المشرمح: مؤتمر إعمار العراق!

ما زلنا نحتفل سنوياً بذكرى تحرير الكويت من الغزو العراقي، ونحمد الله عز وجل أن سخر لنا دول العالم لتتحد معنا وتقف إلى جانبنا من أجل تحرير وطننا، ورغم إيماننا بدورنا كدولة مسالمة تؤمن بحق الشعوب في السلام والعيش الكريم فإننا لا نعارض فكرة إعادة إعمار العراق أو أي دولة عربية أخرى منكوبة، خصوصاً أن الكويت سباقة في العمل الإنساني والقومي، وتاريخها لا يجحده إلا ناكر الجميل. ولكن ما أثار سخط المواطنين وغضبهم الذي عبروا عنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي يكمن في أمرين لا علاقة لهما بالجانب السياسي أو الإنساني، ولا حتى بفكرة إعادة إعمار العراق. فالأول توقيت انعقاد المؤتمر الذي جاء في وقت يحتفل فيه المواطنون بذكرى تحرير الكويت من الغزو العراقي، وبالوضع العراقي الذي يعاني عدم الاستقرار، وتحكم الميليشيات المسلحة في مفاصله، أضف إلى ذلك مؤشر الفساد الكبير الذي تعانيه الدولة العراقية، أما الثاني وهو الجانب الخيري الذي جاء بتبرع الجمعيات الخيرية بمبالغ سخية وضخمة تم جمعها من أموال المحسنين والمتبرعين لمساعدة الفقراء والمحتاجين، ليفاجأوا بضخامة تلك الأموال، حيث لم يكن أحد يتوقع أن تلك الجمعيات الخيرية تملك هذه المبالغ الضخمة التي يفترض أن تصرف أولاً بأول على الفقراء والمحتاجين في الكويت، التي يعاني الكثير من أبنائها العسر في سداد ديونهم، والتي أدت إلى سجن معظمهم وتفكك أسرهم. والمثير للدهشة أن تلك الجمعيات تعلم أن السجون مليئة بأسر مدينة ومعسرة تشتّتت وتفككت بسبب عجزها عن تسديد ديونها، كما أنها ترى مناطق منكوبة ومترهلة وآيلة للسقوط كتيماء والصليبية، ومعظم سكانها لا يملكون تدريس أبنائهم، ويعلمون أن ثمة أسراً متعففة لا تملك قوت يومها، وكان لزاماً عليها وهي تملك تلك الأموال أن تساعد هؤلاء المحتاجين من باب "الأقربون أولى بالمعروف"، ومن باب أن المتبرعين يريدون أن تكون صدقاتهم كذلك، ولوجه الله دون أن يكون للجانب السياسي دور فيها.

يعني بالعربي المشرمح:

الشعب الكويتي جُبِل على فعل الخير، وعرف عنه ذلك منذ القدم، بل هو سبّاق في ذلك، ولكن ما أدهشه في هذا المؤتمر الأمران اللذان ذُكرا وعبر عنهما بكل تجرد من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وأخيراً نتمنى أن ينجح هذا المؤتمر ليحقق الاستقرار للعراق كبلد عربي شقيق، وندعو الشعب العراقي ألا يلتفت إلى أصوات الساسة النشاز التي تعتاش على تفكك الأسرة العربية الواحدة.