ذكر تقرير «الشال» أن تقريرين للتصنيف الائتماني للكويت لكل من «فيتش إبيكا» و«ستاندرد أند بورز» اتفقا على منح الكويت درجة «AA» مع نظرة مستقبلية مستقرة، وهو تصنيف مريح يمنح الكويت موقفاً تفاوضياً جيداً من أجل الاقتراض بمعدلات فائدة أدنى. وحسب التقرير، فإن تلك التصنيفات مريحة أيضاً لمؤسسات القطاع الخاص، إذ إن سقف الفائدة على اقتراضها يتأثر عكسياً مع درجة التصنيف السيادي، أي ترتفع كلفة الاقتراض إذا هبط التصنيف، وتنخفض بارتفاعه.
وفي التفاصيل، ورغم التهم الصريحة والصحيحة التي وجهت لوكالات التصنيف الائتماني الكبرى الثلاث لـ»دورها الفاضح في بيع تصنيفات عالية لأصول رديئة -المشتقات مثلاً-» إلا أنه كان خطأ ارتكبه معظم المؤسسات الرقابية والمالية، وحتى الحكومات كانت شريكة فيه، وبسبب الأزمة، تغير الكثير للأحسن منذ ذلك الحين. ما نريد تكراره والتأكيد عليه، هو أنه رغم فائدة التقرير ومهنيته، هو ليس تقريراً اقتصادياً، بمعنى أنه لا يصلح شهادة على سلامة الأداء الاقتصادي ، بل هو شهادة على قدرة الكويت على مواجهة التزاماتها لمقرضيها في حدود المدى الزمني لتلك القروض. بمعنى آخر، الكويت والإدارة الاقتصادية الحكومية، ليست جمهور أو عملاء هذه التقارير، وإن استفادوا منها في خفض كلفة اقتراضهم، فجمهورها (أي جمهور تلك التقرير) هم من يرغبون في تمويل حاجة الكويت إلى الاقتراض ضمن ذلك الزمن المعلوم. نسوق هذا الكلام على إثر ما نسب إلى بنك الكويت المركزي ووزارة المالية والمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية من أن رفع سقف الدين العام إلى 25 مليار دينار كويتي على مدى 30 سنة هو إجراء ضروري وفي مصلحة الكويت، خصوصاً أن تكلفة الاقتراض أدنى من العائد على استثماراتها، ونحن لا نعتقد بصحة هذه الخلاصة لعدة مبررات، المبرر الأول، هو أننا لا نعرف حتى الساعة، إن كانت تكلفة الاقتراض الآخذة في الارتفاع أدنى من عائد استثمارات الاحتياطي العام، وربما حتى احتياطي الأجيال القادمة.وما نشر أخيراً -في جريدة القبس- حول إفصاح «الهيئة العامة للاستثمار» عن مزيد من المعلومات حول تلك الاحتياطيات، هو الإفصاح ليس بالضرورة للمواطن الذي يملك تلك الاحتياطيات، وإنما لطمأنة الدائنين المحتملين في الأسواق العالمية. ثاني المبررات، هو في الخوف المستحق والناتج عن قيام الحكومة بزيادة نفقاتها العامة خمسة أضعاف ما بين عام 2003 و2013 من دون مبرر، وإعطائها إذناً مفتوحاً، يمنحها القدرة على التمويل السهل لنفقاتها، وربما العودة إلى إدمان التوسع المالي ونقل مشاكله الضخمة إلى المستقبل. والمبرر الثالث، هو في نوعية نفقاتها العامة الجارية بنسبة 82 في المئة وغير المرنة والمقوضة لتنافسية الاقتصاد وغير المستدامة، وما لم تقدم مبررات قوية لجدوى إنفاقها، من الأصلح عدم منحها تفويض مطلق. في خلاصة، انخفاض تكلفة الاقتراض حالة مؤقتة وقصيرة الأمد، وسوف ترتفع كل عام لأسباب لها علاقة بأهداف اقتصادات رئيسية، كما أنها سوف ترتفع لكل دولة مقترضة مع ارتفاع حجم قروضها، التي سوف ترفع مخاطر إقراضها. والخلاف ليس على مبدأ الإقتراض، بل على سلامة استخدام حصيلته، والتاريخ البعيد والقريب يجزم بعدم حصافة الإدارات الحكومية المتعاقبة باستخدام حصيلة موارد الدولة المالية.
اقتصاد
تقارير التصنيف الائتماني لا تصلح كشهادة على سلامة الأداء الاقتصادي
18-02-2018