أول العمود:
أحصت مفوضية شؤون اللاجئين ٦٥ مليون نسمة أصبحوا يحملون صفة لاجئ، وهو ما لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية، ومن بين كل لاجئين اثنين يوجد طفل.***كثر اللغط والكلام حول مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق الذي تم برعاية كويتية ودولية عالية المستوى، بعضه منطقي وبعضه الآخر لا، ولأننا في بلد مُنكشف ومفتوح فقد نالت الكويت مدحاً وقدحاً على دورها الذي شمل الاستضافة والمساهمة المالية في دعم العراق. في كل خطوة في السياسة الخارجية الكويتية بحجم هذا الحدث السياسي الاقتصادي والإنساني، يجب أخذ الأمور من زاوية واقعية لا منطقية بالضرورة، لأن كثيراً من الأمور لا تسير حسب المنطق في دهاليز السياسة الدولية، فالكويت بلد صغير وغني، مُعرض للطمع والخطر منذ بدايات نشوئها ولا تزال، موقعها الجغرافي جر عليها وبال السياسات القذرة منذ عهد الإمبراطورية العثمانية حتى يومنا هذا، ودفع شعبها أثماناً باهظة، ولذلك فهي تحرص دوما على النجاة من الخطر بتحالفات متجددة أو سياسات مبتكرة كالوساطة أو التحالفات أو المعونات الاقتصادية أو المهادنة وقلة الصخب.يجب أن نعي كشعب أننا ضعفاء في هذا الوسط الإقليمي الشرير، وما لا يعجب البعض منا قد نكون مجبرين عليه بسبب شُح البدائل، يجب أن نعي ونصحو من حلم مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.ما نراه من أمن واستقرار- قد لا يدوم- هو نتاج استخدام الأدوات القليلة التي في حوزة راسم السياسة الخارجية التي يؤدي سمو أمير البلاد دورا محوريا فيها، نعلم حجم الكوارث داخل العراق، وقبلها سورية واليمن ولبنان، كل ذلك معلوم لعموم الناس لكن هذا الاهتمام الكويتي بمشكلات الآخرين ما هو إلا تعبير غير مباشر للبحث عن الأمان في محيط متلاطم، بمعنى أننا نؤدي هذا الدور من أجل أمننا.في أيام المؤتمر وقبله بقليل كان اسم الكويت وأميرها هو المتصدر لنشرات أخبار كبريات وسائل الإعلام الدولية، هذا البلد الذي تعرض لغدر من يستضيفه اليوم ويساعده في حشد عون دولي للنهوض من كبوته! هذا الحدث من زاويته الأخلاقية له تقدير عال لدى دوائر الرأي العام في المجتمعات المتحضرة، ووسائل إعلامه الحرة، وحتى وعد الكويت باستضافة مؤتمرات بشأن اليمن وسورية بعد هدوء الهستيريا السياسية والإنسانية فيهما يُعتبر نوعاً من الإشارات الحكيمة لأنها استكمال للحاجة الكويتية للأمان كما أسلفنا.لا أمن بلا فواتير، الضعيف يجب عليه أن يدفع لينعم ويطمئن، النظام الأمني العربي زال منذ عقود، والدول العربية اليوم بلا راعٍ، مهددة في قوتها ووجودها. صحيح أن هناك خللا داخليا في ملفات يتم تعمد عرقلة انفراجها يوميا، لكن خلط الأمور بين واجبنا كشعب ينتخب ممثليه للبرلمان لإصلاح شؤونه الداخلية، وبين الأحوال الخارجية التي لا يد لنا فيها هو نوع من تغييب الناس عن الحاجة الأساسية لهذا البلد الضعيف الغني.يبقى اللغط الدائر حول تعهد الهيئات الخيرية بالتبرع للعراق، وما إذا كان هذا التعهد مشروطا بإقامة حملات مخصصة لهذا الغرض، فإن كان الأمر كذلك فهذا مقبول، أما إن كان بالجَبر فهو أمر معيب لأن هذه الجمعيات لم تكُن لتقوم لها قائمة دون أموال الناس وزكواتهم التي ينذرونها لمشاريع معينة يحددونها، إضافة إلى أنه إقحام للمجتمع المدني في شأن دولي يكثر حوله الجدل الذي طالما تحذرهم منه وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
مقالات
الكويت وعقيدة السِّلم
18-02-2018