حرب سورية تؤجج ثلاثة صراعات أخرى
عندما تحطمت طائرة حربية إسرائيلية بعد إطلاق النار عليها فوق سورية خلال نهاية الأسبوع، شكّل هذا تصعيداً خطيراً في الحرب الأهلية السورية، إلا أنه يعكس أيضاً واقعاً مستمراً، واقعاً يزداد خطورة: تشمل الحرب السورية ثلاثة صراعات دولية أخرى على الأقل، يزداد كل منها سخونة. في الأسابيع القليلة الماضية، تصادمت تركيا مع أكراد سورية وهددت بلدة خاضعة للسيطرة الأميركية في سورية، كذلك أسقطت نيران سورية مضادة للطائرات طائرة حربية إسرائيلية شكّلت جزءاً من الرد على دخول طائرة من دون طيار إيرانية انطلقت من سورية الأراضي الإسرائيلية، مما دفع طياراها إلى الخروج من الطائرة والهبوط بالمظلة في الأراضي الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، صدت القوات الأميركية هجوماً شنه مقاتلون روس، قاتلةً عدداً غير معروف منهم يُقال إنه بلغ المئات. إذا تأملنا كلاً من هذه الصدامات على حدة، نلاحظ إمكان تحوّله إلى وضع أكثر خطورة، فعندما بدت هيمنة الأسد على السلطة مهددة مجدداً في عام 2015، تدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدعمه. والأكراد ظلوا مصدر خوف كبيراً لتركيا، التي تخوض منذ عقود حرباً ضد التمرد الكردي في جانبها من الحدود مع سورية، لذلك اعتبرت تركيا الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة إرهابيين، حتى لو عارضوا نظام الأسد، وقدّمت الدعم لمجموعات أخرى من الثوار الذين يحاربون الأسد، من بينها مجموعات إسلامية. أخبرتني منى يعقوبيان، مستشارة بارزة في المعهد الأميركي للسلام في سورية: "مع دخول سورية مرحلة خطرة أكثر تقلباً بكثير، ستتسم الحرب في هذا البلد بمحاولة المشاركين فيها البارزين تعزيز وجودهم على الأرض والتأكد من أن مصالحهم محمية".لكن التضارب البارز بين الكثير من هذه المصالح يؤكد أننا سنشهد المزيد من الصراع، وسيسعى الأسد لترسيخ سيطرته على البلد وتوسيعها، كذلك لن تسمح تركيا بقيام منطقة كردية شبه مستقلة على حدودها، أما الأكراد فسيحاربون للحفاظ على المناطق التي سيطروا عليها، وتريد إيران أيضاً حصد مكاسب ما استثمرته في سورية والأسد. في المقابل تعارض إسرائيل بشدة أي وجود دائم لإيران أو حزب الله على حدودها مع جنوب سورية، وتريد الولايات المتحدة بدورها ضمان عدم ظهور داعش مجدداً وتعرب عن تفضيلها تنحي الأسد، أما روسيا فترغب في حماية موقع الأسد وموقعها كأحد المتحكمين بمفاتيح السلطة في الشرق الأوسط. يؤكد ريان كروكر، سفير أميركي سابق إلى سورية: "صحيح أننا لا نشهد فوضى كاملة، إلا أن الوضع بات بالغ الخطورة لأننا لا نعلم بكل بساطة ما قد يحدث. في هذه المرحلة المفصلية، لا الأتراك ولا الأميركيون ولا الأكراد ولا إيران ولا حزب الله ولا النظام السوري ولا الروس يريدون حرباً شاملة".
وتوضح يعقوبيان: "يجب ألا نستخف مطلقاً بقوة التفاعلات الجديدة الناجمة عن دخولنا مرحلة جديدة في سورية حيث اختل تماماً الوضع الذي كان قائماً سابقاً، وحيث نرى اللاعبين الإقليميين الأساسيين يتدافعون ويسعون لتحديد المسار الذي يسلكه هذا البلد، راسمين في الوقت عينه الخطوط الحمراء حول حصصهم، وأعتقد أن هذا سيتجلى بطرق عدة خلال الأشهر أو ربما السنوات المقبلة". *«أتلانتيك»